للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ شَدَّادٍ الْعَبْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَهَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَبَيْنَ الْخَالَتَيْنِ وَبَيْنَ الْعَمَّتَيْنِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ أَشْكَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَتَحَيَّرَ فِي مَعْنَاهُ حَتَّى حَمَلَهُ عَلَى مَا يَبْعُدُ أَوْ لَا يَجُوزُ فَقَالَ مَعْنَى بَيْنَ الْعَمَّتَيْنِ عَلَى الْمَجَازِ أَيْ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ أَخِيهَا فَقِيلَ لَهُمَا عَمَّتَانِ كَمَا قِيلَ سُنَّةُ الْعُمَرَيْنِ يَعْنُونَ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ وَبَيْنَ الْخَالَتَيْنِ مِثْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ قَالَ وَفِي الْأَوَّلِ حَذْفٌ أَيْ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ أَخِيهَا وَهَذَا مِنَ التَّعَسُّفِ الَّذِي لَا يَكَادُ يُسْمَعُ بِمِثْلِهِ وَفِيهِ أَيْضًا مَعَ التَّعَسُّفِ أَنَّهُ يَكُونُ كَلَامًا مُكَرَّرًا لِغَيْرِ فَائِدَةٍ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَعْنَى نَهْيٌ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ أَخِيهَا وَبَيْنَ الْعَمَّتَيْنِ يَعْنِي بِهِ الْعَمَّةَ وَبِنْتَ أَخِيهَا صَارَ الْكَلَامُ مُكَرَّرًا بِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ: وَجَبَ أَنْ يَكُونَ وَبَيْنَ الْخَالَةِ وَلَيْسَ كَذَا الْحَدِيثُ لِأَنَّ الْحَدِيثَ نَهَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ فَالْوَاجِبُ عَلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَمَّةُ الْأُخْرَى وَالْأُخْرَى خَالَةُ الْأُخْرَى وَهَذَا يَخْرُجُ عَلَى مَعْنًى صَحِيحٍ يَكَوْنُ رَجُلٍ وَابْنِهِ تَزَوَّجَا امْرَأَةً وَابْنَتَهَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْبِنْتَ وَتَزَوَّجَ الِابْنُ الْأُمَّ فَوُلِدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ابْنَةٌ مِنْ هَاتَيْنِ الزَّوْجَتَيْنِ، فَابْنَةُ الْأَبِ عَمَّةُ ابْنَةِ ⦗٣١٨⦘ الِابْنِ وَابْنَةُ الِابْنِ خَالَةُ ابْنَةِ الْأَبِ وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْخَالَتَيْنِ فَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَا امْرَأَتَينِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا خَالَةُ صَاحِبَتِهَا وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ تَزَوَّجَ ابْنَةَ رَجُلٍ وَتَزَوَّجَ الْآخَرُ ابْنَتَهُ فَوُلِدَ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ابْنَةٌ فَابْنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَالَةُ الْأُخْرَى وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْعَمَّتَيْنِ فَيُوجِبُ أَلَّا يُجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَمَّةُ الْأُخْرَى وَذَلِكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَجُلٌ أُمَّ رَجُلٍ وَيَتَزَوَّجُ الْآخَرُ أُمَّ الْآخَرِ فَيُولَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ابْنَةٌ فَابْنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَمَّةُ الْأُخْرَى ⦗٣١٩⦘ فَهَذَا مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: ٣٤] فَقِيلَ الْحِكْمَةُ السُّنَّةُ ثُمَّ قَاسَ الْفُقَهَاءُ عَلَى هَذَا فَقَالُوا: كُلُّ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا رَجُلًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ حَرَّمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَيْسَ فِي الْآيَةِ

<<  <   >  >>