للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ رِوَايَةِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣] ، قَالَ: «إِذَا خَرَجَ وَأَظْهَرَ السِّلَاحَ وَقَتْلَ قُتِلَ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ قُتِلَ ثُمَّ صُلِبَ» وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَزَعَمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ إِلَّا عَنْهُمَا يَعْنِي مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ضَعِيفَةٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ⦗٣٩٣⦘ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا خَرَجَ وَقَتَلَ قُتِلَ فَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ صُلِبَ وَقُتِلَ مَصْلُوبًا وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ صُلِبَ وَقُتِلَ بِالْحَرْبَةِ مَصْلُوبًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ صُلِبَ وَقُتِلَ عَلَى الْخَشَبَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا قَتَلَ قُتِلَ وَإِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ وَإِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ فَالسُّلْطَانُ مُخَيَّرٌ فِيهِ إِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَقَتْلَهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْطَعْ يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَقَتْلَهَ وَصَلَبَهُ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى كُلُّ شَيءٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «إِذَا أَخَذَ الْمَالَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَحُسِمَتْ، ثُمَّ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى وَحُسِمَتْ وَخُلِّيَ وَإِذَا قَتَلَ قُتِلَ وَإِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ قُتِلَ وَصُلِبَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ يُصْلَبُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ وَإِنْ حَضَرَ وَكَثُرَ وهِيبَ فَكَانَ رِدَاءً لِلْعَدُوِّ عُزِّرَ وَحُبِسَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ الَّذِينَ قَالُوا بِالتَّرْتِيبِ وَاخْتُلِفَ عَنْ بَعْضِهِمْ حَتَّى وَقَعَ فِي ذَلِكَ اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ فَمِمَّنِ اخْتُلِفَ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَالْحَسَنُ فَرُوِيَ عَنْهُ التَّخْيِيرُ وَالتَّرْتِيبُ وَأَنَّهُ قَالَ إِذَا خَرَجَ وَقَتَلَ قُتِلَ فَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وَنُفِيَ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَقَتَلَ قُتِلَ ⦗٣٩٤⦘ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ: «إِنْ قَتَلَ قُتِلَ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ» وَقَالَ قَوْمٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصْلَبَ قَبْلَ الْقَتْلِ فَيُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَكْرَهُ أَنْ يَقْتَلَ مَصْلُوبًا لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُثْلَةِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: «الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ» وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ بِأَنَّ الَّذِينَ قَالُوا بِالتَّخْيِيرِ مَعَهُمْ ظَاهَرُ الْآيَةِ وَأَنَّ الَّذِينَ قَالُوا بِالتَّرْتِيبِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فَإِنَّكَ تَجِدُ فِي أَقْوَالِهِمْ أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ عَلَيْهِ حَدَّيْنِ فَيَقُولُونَ يُقْتُلُ وَيُصْلَبُ وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ يُصْلَبُ وَيُقْتُلُ، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ تُقْطَعُ يَدُهُ وَرِجْلُهُ وَيُنْفَى، وَلَيْسَ كَذَا الْآيَةُ، وَلَا كَذَا مَعْنَى أَوْ فِي اللُّغَةِ فَأَمَّا مَعْنَى أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ مِنْهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُمْ يَهْرُبُونَ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَهَذَا أَيْضًا مَحْكِيٌّ مَعْنَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَيُحَارَبُونَ، وَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ ⦗٣٩٥⦘ جُبَيْرٍ «يُنْفَوْنَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَكُلَّمَا أَقَامُوا فِي بَلَدٍ نُفُوا مِنْهُ» وَقَالَ الشَّعْبِيُّ «يَنْفِيَهُ السُّلْطَانُ الَّذِي أَحْدَثَ هَذَا فِي عَمَلِهِ عَنْ عَمَلِهِ» وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ «يُنْفَى مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي أَحْدَثَ فِيهِ هَذَا إِلَى غَيْرِهِ ثُمَّ يُحْبَسُ فِيهِ» وَيَحْتَجُّ لِمَالِكٍ بِأَنَّ الزَّانِيَ كَذَا يُنْفَى وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لَمَّا قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣] وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدُّ أَنْ يَسْتَقِرُّوا فِي الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَوْلَى بِهِمْ مِنَ الْحَبْسِ لِأَنَّهُ إِذَا حُبِسَ فَقَدْ نُفِيَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا مِنْ مَوْضِعَ اسْتِقْرَارِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ السَّادِسَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ

<<  <   >  >>