للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: ٢٤] : " نُسِخَ مِنْهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِأَبَوَيْهِ إِذَا كَانَا مُشْرِكَيْنِ، لَا يَقُولُ: رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَلَكِنْ لِيَخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَلْيَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا مَعْرُوفًا " قَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: ١١٣] ، فَنَسَخَ هَذَا: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: ٢٤] " وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَمْ يَزَلْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْتَغْفِرُ لِأَبِيهِ حَتَّى مَاتَ فَلَمَّا مَاتَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ فَتَبَرَّأَ مِنْهُ» ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ ⦗٥٤٧⦘ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» ⦗٥٤٨⦘ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ، ظَاهِرُ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: ١١٣] وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ مِنْ أَوَّلِ أَمْرِهِ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُخْبِرُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ وَمَعَ هَذَا فَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّصَارَى وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ «لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ» فَكَيْفَ يُسْتَغْفَرُ لِمَنْ هَذِهِ حَالُهُ أَوْ يُبَجَّلُ أَوْ يُعَظَّمُ بِالدُّعَاءِ لَهُ بِالرَّحْمَةِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الشِّرْكَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ وَأَشَدُّهَا فَكَيْفَ يُدْعَى لِأَهْلِهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَلَمْ يَصِحَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الِاسْتِغْفَارَ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَا فَرَضَهُ وَلَا يَنْسَخُ إِلَّا مَا أُبِيحَ أَوْ فُرِضَ فَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: ١١٤] فَقَدْ قِيلَ إِنَّ أَبَاهُ وَعَدَهُ أَنَّهُ يُظْهِرَ إِسْلَامَهُ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ فَلَمَّا لَمْ يُظْهِرْ إِسْلَامَهُ تَرَكَ الِاسْتِغْفَارَ لَهُ فَإِنْ قِيلَ فَمَا مَعْنَى {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ١١٣] فَهَلْ يَكُونُ هَذَا فِي الْعَرَبِيَّةِ إِلَّا بَعْدَ الِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ؟ فَقَدْ أَجَابَ عَنْ هَذَا بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ فَقَالَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ ظَنَّ أَنَّ هَذَا جَائِزٌ فَاسْتَغْفَرَ لِأَبَوَيْهِ وَهُمَا مُشْرِكَانِ فَنَزَلَ هَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هَذَا لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ حَدِيثًا قَدْ غَابَ عَنْ هَذَا الْمُجِيبِ

<<  <   >  >>