كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ لِي خَالَتِي عَائِشَةُ يَا ابْنَ أُخْتِي هَلْ تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: ١١٠] قُلْتُ: لَا: قَالَتُ: «أُنْزِلَتْ فِي الدُّعَاءِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ لِأَنَّ فِيهِ هَذَا التَّوْقِيفَ عَنْ عَائِشَةَ، وَالْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّ الصَّلَاةَ الدُّعَاءُ وَلَا يُقَالُ لِلْقِرَاءَةِ صَلَاةٌ إِلَّا عَلَى مَجَازٍ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى كَرَاهَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥] وَأَمَّا أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ مَنْسُوخَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} [الأعراف: ٢٠٥] فَبَعِيدٌ لِأَنَّ هَذَا عُقَيْبُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤] فَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى إِذَا أَنْصَتَ أَنْ يَذْكُرَ رَبَّهُ فِي نَفْسِهِ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً مِنْ عِقَابِهِ وَلِهَذَا كَانَ هَاهُنَا ⦗٥٥٤⦘ وَخِيفَةً وَثَمَّ وَخُفْيَةً وَمَعَ هَذَا فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَرَاهَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ مَا يُقَوِّي هَذَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥] قَالَ: «مِنَ الِاعْتِدَاءِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ وَالنِّدَاءُ وَالصِّيَاحُ بِهِ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute