وقُرِئَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ⦗٦٤٥⦘، {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} [ص: ١٦] قَالَ: «نَصِيبَنَا مِنَ الْآخِرَةِ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: " وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا رُوِيَ فِيهِ وَأَصْلُ الْقِطِّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْكِتَابُ بِالْجَائِزَةِ وَهُوَ النَّصِيبُ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ قَطُّ أَيْ حَسَبُ أَيْ يَكْفِيكَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنْ قَطَطْتُ أَيْ قَطَعْتُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِيهِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ فِي اشْتِقَاقِهِ إِلَّا شَيْئًا حَكَاهُ الْقُتْبِيُّ أَنَّهُمْ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} [الحاقة: ١٩] الْآيَةَ قَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا كُتُبَنَا حَتَّى نَنْظُرَ أَيَقَعُ فِي أَيْمَانِنَا أَمْ فِي شَمَائِلِنَا اسْتِهْزَاءً فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} [ص: ١٦] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَصْلُهُ عَنِ الْكَلْبِيِّ وَكَثِيرًا مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْقُتْبِيُّ وَالْفِرَّاءُ وَأَهْلُ الدِّينِ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ يَحْظُرُونَ ذِكْرَ شَيْءٍ عَنِ الْكَلْبِيِّ وَلَاسِيَّمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَالْمَوْضِعُ الْآخَرُ قَوْلُهُ تَعَالَى {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: ٣٣] فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ أُبِيحَ هَذَا ثُمَّ نُسِخَ وَحُظِرَ عَلَيْنَا قَالَ الْحَسَنُ: «قَطَعَ أَسْوُقَهَا وَأَعْنَاقَهَا فَعَوَّضَهُ اللَّهُ مَكَانَهَا خَيْرًا مِنْهَا وَسَخَّرَ لَهُ الرِّيحَ» ⦗٦٤٦⦘ وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «طَفِقَ يَمْسَحُ أَعْنَاقَهَا وَعَرَاقِيبَهَا حُبًّا» وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ عَاقَبَ خَيْلًا وَلَاسِيَّمَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ إِنَّمَا شُغِلَ بِالنَّظَرِ إِلَيْهَا فَفَرَّطَ فِي صَلَاةٍ فَلَا ذَنْبَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَرَوَى الْحَارِثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: «الصَّلَاةُ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَاةُ الْعَصْرِ» ⦗٦٤٧⦘ وَالْمَوْضِعُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: ٤٤] فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ هَذَا مَنْسُوخٌ فِي شَرِيعَتِنَا وَإِذَا حَلَفَ رَجُلٌ أَنْ يَضْرِبَ إِنْسَانًا عَشْرَ ضَرَبَاتٍ ثُمَّ لَمْ يَضْرِبْهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ حَنِثَ وَقَالَ قَوْمٌ بَلْ لَا يَحْنَثُ إِذَا ضَرَبَهُ بِمَا فِيهِ عَشْرَةً بَعْدَ أَنْ تُصِيبُهُ ⦗٦٤٨⦘ الْعَشْرَةُ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمِنْ قَبْلِهِ عَطَاءٌ، قَالَ: «هِيَ عَامَّةٌ» وَقَالَ مُجَاهِدٌ «هِيَ خَاصَّةٌ» وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَمِيلُونَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute