للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَمَا قُرِئَ عَلَى إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ هَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ وَهُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ هَنَّادٌ: قَرَأْتُهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ إِنَّ الْيَهُودَ، جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَقَالَ: " خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَرْضَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ⦗٦٨١⦘ بِمَا فِيهَا مِنَ مَنَافِعَ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ وَالْمَاءَ وَالْمَدَائِنَ وَالْعِمَارَاتِ وَالْخَرِبَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ {قُلْ أئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: ٩] إِلَى {سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: ١٠] قَالَ: لِمَنْ سَأَلَ، وَخَلَقَ السَّمَاءَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ النُّجُومَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْمَلَائِكَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى ثَلَاثِ سَاعَاتٍ بَقِينَ مِنْهُ، وَخَلَقَ فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ السَّاعَاتِ الْآجَالَ حَيْثُ يَمُوتُ مَنْ يَمُوتُ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَلْقَى الْآفَةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ، وَفِي الثَّالِثَةِ آدَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ وَأَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لَهُ فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا فِي آخِرِ سَاعَةٍ "، قَالَتِ الْيَهُودُ: ثُمَّ مَاذَا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: «ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ» ، قَالُوا: قَدْ أَصَبْتَ لَوْ تَمَّمْتَ: ثُمَّ اسْتَرَاحَ، فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضَبًا شَدِيدًا وَنَزَلَتْ {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} " قَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ: ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [ق: ٣٩] فَتَأَوَّلَ هَذَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ: إِذَا حَزَبَ إِنْسَانًا أَمْرٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْزَعَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ حُذَيْفَةُ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلَاةِ» وَعَنِ، ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ عَرَفَ وَهُوَ رَاحِلٌ بِمَوْتِ قُثَمَ أَخِيهِ فَأَمَرَ بِحَطِّ الرَّاحِلَةِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَتَلَا {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبِرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: ٤٥]

⦗٦٨٢⦘ ، ثُمَّ قَالَ جَلَّ وَعَزَّ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: ٣٩] قَالَ أَبُو صَالِحٍ: «الصُّبْحُ وَالْعَصْرُ» ، وَقَدْ قِيلَ الصُّبْحُ وَالظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَيَكُونُ {وَمِنَ اللَّيْلِ} [ق: ٤٠] لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَأَمَّا {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: ٤٠] فَبَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ اخْتِلَافٌ فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُ: الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: وَبَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ رَكْعَتَانِ وَالظَّاهِرُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا، إِلَّا أَنَّ الْأَوْلَى اتِّبَاعُ الْأَكْثَرِ وَلَا سِيَّمَا وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهَذَا أَمْرٌ بِمَا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ نَافِلَةٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَدْبًا لَا حَتْمًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا خَمْسُ صَلَوَاتٍ وَنَقَلَ ذَلِكَ الْجَمَاعَةُ وَكَانَ التَّأْذِينُ فِيهَا وَالْإِقَامَةُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ لَا أَحَدَ مِنْهُمْ يُوجِبُ غَيْرَهَا، وَفِي سُورَةِ وَالذَّارِيَاتِ مَوْضِعَانِ فَالْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ كَمَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ ⦗٦٨٣⦘. وَمَنْ قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ قَالَ: هِيَ وَإِنْ كَانَتْ خَبَرًا فَفِي الْكَلَامِ مَعْنَى الْأَمْرِ أَيْ: أَعْطُوا السَّائِلَ وَالْمَحْرُومَ وَيَجْعَلُ هَذَا مَنْسُوخًا بِالزَّكَاةِ الْمَفْرُوضَةِ

<<  <   >  >>