وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ: " إِذَا خَرَجْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ إِنِ اسْتَطَعْتَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: ١٤] " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةٌ لِأَنَّ التُّزَكِّيَ فِي اللُّغَةِ التَّطَهُّرُ، وَهَذَا كُلُّهُ تَطَهُّرٌ لِأَنَّهُ انْتِهَاءٌ إِلَى مَا يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ، وَقِيلَ زَكَاةٌ مِنْ هَذَا، لِأَنَّهَا تَطْهِيرٌ لِمَا فِي الْمَالِ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الزَّكَاءِ أَيْ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنَّمَاءِ، وَإِنَّمَا أَدْخَلْتُ هَذِهِ الْآيَةَ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ تَأَوَّلُوهَا عَلَى أَنَّهَا مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: " أَخْرِجُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُصَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: ١٤] " وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وأَبِي الْعَالِيَةِ، ومُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ وَفَرَضَهَا قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الزَّكَاةُ، فَجَازَ أَنْ تَكُونَ نَاسِخَةً لِأَنَّهَا بَعْدَهَا، وَجَازَ أَنْ تَكُونَا وَاجِبَتَيْنِ، وَقَدْ ثَبَتَ وُجُوبُهُمَا، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رُبَّمَا أَشْكَلَ فَتَوَهَّمَ سَامِعُهُ النَّسْخَ فِي ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute