١٠٨٤ - قَرَأْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلَّا جُعِلَتْ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَفَائِحُ ثُمَّ أُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ تُكْوَى بِهَا جَنْبَاهُ وَجَبْهَتُهُ وَظَهْرُهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ ⦗١٠١٣⦘ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، وَمَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا وَمِنْ حَقِّهَا حَلْبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا إِلَّا أَتَى بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُفْقَدُ مِنْهَا فَصِيلًا يَوْمَ وِرْدِهَا إِلَّا بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُفْقَدُ مِنْهَا فَصِيلًا وَاحِدًا ثُمَّ يُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَتَقْرِضُهُ بِأَفْوَاهِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا كَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، وَمَا مِنْ صَاحِبِ بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلَّا أُتِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ لَيْسَ فِيهَا عَضْبَاءُ، وَلَا عَقْصَاءُ، وَلَا جَلْحَاءُ تَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا كَرَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ» ،
⦗١٠١٤⦘
١٠٨٥ - قَرَأْتُ عَلَيْهِ، قُلْتُ: حَدَّثَكُمْ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ ذَلِكَ أَيْضًا.
١٠٨٦ - قَرَأْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ: حَدَّثَكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى أَهْلِ ⦗١٠١٥⦘ الْأَهْوَاءِ كُلِّهِمْ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ خَلَا الْمُرْجِئَةِ يَزْعُمُونَ أَنَّ مَانِعَ الزَّكَاةِ إِذَا مَاتَ غَيْرَ تَائِبٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ خَالِدًا مُخَلَّدًا لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا، وَآيَسُوهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ شَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ، فَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْمِلَّةِ، وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَلَمْ يُلْحِقُوهُ بِالْكُفْرِ زَعَمُوا أَنَّهُ فَاسِقٌ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ وَلَا كَافِرٍ. فَأَكْذَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُمْ فِي الْحَدِيثِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعَاقِبُ مَانِعَ الزَّكَاةِ بِالْعُقُوبَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ فَأَطْمَعَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ وَلَمْ يُؤْيِسُهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى خَوَّفَهُ دُخُولَ النَّارِ وَلَمْ يُؤَمِّنْهُ مِنْهَا. فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَانِعَ الزَّكَاةِ لَيْسَ بِكَافِرٍ وَلَا مُشْرِكٍ إِذْ أَطْمَعَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] وَدَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ مُؤْمِنٌ إِذَ أَطْمَعَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ» وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْبَابَ وَلَمْ نَقُلْ فِيهِ: قَدْ كَفَرَ وَنَسْتَتِيبُهُ مِنَ الْكُفْرِ ⦗١٠١٦⦘. وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْفَتْوَى وَعُلَمَاءُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ بِذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ مَكَانَ كُلَّ يَوْمٍ أَفْطَرَهُ صَوْمَ يَوْمٍ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ بَدَلَ كُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَهُ صِيَامُ شَهْرٍ مَعَ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ مَعَ قَضَاءِ يَوْمٍ فَإِنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ مُتَعَمِّدًا فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةً مَعَ الْقَضَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: تُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَكْفُرْ ثُمَّ يَعُودُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ قَدْ كَفَرَ بَلْ يَجِبُ أَنْ يُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ فَبِهَذِهِ الدَّلَائِلِ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَسَائِرِ الْفَرَائِضِ. وَأَمَّا تَمْثِيلُهُمُ الْأَخْبَارَ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْإِكْفَارِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي إِكْفَارٍ بِسَائِرِ الذُّنُوبِ نَحْوَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» ⦗١٠١٧⦘ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. فَسَنَذْكُرُ مَا حَضَرَنَا مِنَ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهَا وَنُبَيِّنُ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْإِكْفَارِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ بِالْحُجَجِ النَّيِّرَةِ وَالْبَرَاهِينَ الْوَاضِحَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute