غُلُوُّ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ فِي تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي نَفْيِ الْإِيمَانِ عَمَّنِ ارْتَكَبَ الْكَبِيرَةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ غَلَتْ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي نَفْيِ الْإِيمَانِ عَنْ مَنِ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ مِنْهُمُ الْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالرَّافِضَةُ. فَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَتَأَوَّلَتْهَا عَلَى إِكْفَارِ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَعَاصِي، وَسَفْكِ دِمَائِهِمْ. قَالُوا: تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» أَنَّهُ كَافِرٌ بِاللَّهِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ ضِدُّ الْكُفْرِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُمَا فِعْلَانِ مُتَضَادَّانِ أَحَدُهُمَا يَنْفِي الْآخَرَ، فَإِذَا فَعَلَ الْإِيمَانَ قِيلَ مُؤْمِنٌ لِفِعْلِهِ الْإِيمَانَ، وَإِذَا فَعَلَ الْكُفْرَ قِيلَ هُوَ كَافِرٌ لِفِعْلِهِ الْكُفْرَ. قَالُوا: فَسَوَاءٌ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» أَوْ قَالَ: «لَا يَزْنِي إِلَّا وَهُوَ كَافِرٌ» لَا يَصِحُّ فِي الْقَوْلِ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالُوا: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل: ١٦] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَصْلَى النَّارَ إِلَّا مُكَذِّبٌ، ثُمَّ قَالَ: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضِ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute