أَمْرُ التَّكْوِينِ: فَوَجْهٌ مِنْهُ أَمْرُ تَكْوِينٍ لِلشَّيْءِ، قَالَ اللَّهُ: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: ٥٠] فَهَذَا أَمْرُ التَّكْوِينِ الَّذِي لَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَّى يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِهِ كَمَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ إِبَاءٍ، وَلَا امْتِنَاعٍ لِأَنَّ اللَّهَ يَتَوَلَّى تَكَوُّنَهُ بِقُدْرَتِهِ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: ٤٠] . وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِلَّذِينَ اعْتَدَوْا: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: ٦٥] فَكَانُوا قِرَدَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي كَوْنِهِمْ قِرَدَةً نِيَّةٌ، وَلَا إِرَادَةٌ، وَلَا كَانُوا مُطِيعِينَ طَاعَةً يَسْتَوْجِبُونَ بِهَا ثَوَابًا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [آل عمران: ٦٠] فَكَانَ آدَمُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بِذَلِكَ مُطِيعًا طَاعَةً يَسْتَوْجِبُ بِهَا ثَوَابًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِي كَوْنِهِ كَمَا أَرَادَ اللَّهُ نِيَّةٌ وَلَا إِرَادَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute