٦١٣ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا جَرِيرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي مَاجِدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ عَفُوٌّ يُحِبُّ الْعَفْوَ، وَلَا يَنْبَغِي لِوَالٍ أَنْ يُؤْتَى بِحَدٍّ إِلَّا أَقَامَهُ، ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ رَجُلٍ جِيءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْلِمِينَ أَوْ قَالَ فِي الْإِسْلَامِ لَرَجُلٌ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ: سَرَقَ هَذَا، قَالَ: فَقَالَ: «اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوهُ» قَالَ: وَكَأَنَّمَا سُفَّ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَادٌ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ جُلَسَائِهِ: كَأَنَّ هَذَا قَدْ شَقَّ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ تَكُونُوا أَعْوَانَ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِوَالٍ أَنْ يُؤْتَى بِحَدٍّ إِلَّا أَقَامَهُ وَاللَّهُ عَفُوٌّ يُحِبُّ الْعَفْوَ ثُمَّ قَرَأَ: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا، أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: ٢٢]
⦗٥٧٣⦘ ".
٦١٤ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ يَعْنِي ابْنَ شُمَيْلٍ، ثنا شُعْبَةُ، ثنا يَحْيَى، عَنْ رَجُلٍ، مِنَ التَّيْمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَاجِدٍ، رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَجَاءَ رَجُلٌ بِابْنِ أَخِيهِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَفَلَا تَرَى إِلَى مَشَقَّةِ هَذَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَهَرَ ذَلِكَ فِي لَوْنِهِ، وَلَوْلَا رَأْفَتُهُ بِهِ وَرَحْمَتُهُ إِيَّاهُ لَمَا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَؤُوفًا رَحِيمًا، وَلَمْ يَكُنْ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَةَ الَّتِي تَدَعُوهُ إِلَى تَعْطِيلِ الْحُدُودِ، وَذَلِكَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِمَّا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهُ الْإِيمَانُ، وَيُتَنَحَّى عَنْهُ الْإِيمَانُ أَيِ الْإِيمَانُ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ بِالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ زِيَادَةً عَلَى التَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَارِ بَلْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونُوا أَرَادُوا الْإِيمَانَ بِأَسْرِهِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إِبْطَالَ الْأَحْكَامِ وَحُدُودِهِ عَنْهُمْ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَلَوْ زَالَ عَنْهُمُ الْإِيمَانُ بِأَسْرِهِ لَوَجَبَ اسْتِتَابَتُهُمْ أَوِ الْقَتْلُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَمَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ ⦗٥٧٤⦘ بِأَسْرِهِ فَقَدْ بَدَّلَ دِينَهُ، وَذَلِكَ يُوجِبُ مُخَالَفَةَ الْكِتَابِ، وَالْخُرُوجَ مِنْ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، فَمَعْنَاهُمْ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْقَوْلِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُنْزَعُ مِنْهُ نُورُ الْإِيمَانِ إِلَّا أَنَّهُ حِينَ يَزْنِي وَيَسْرِقُ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ فَلَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ قِلَّةِ خَوْفِهِ مِنَ اللَّهِ، وَلَوْ كَانَ لِلَّهِ مُطِيعًا مُجِلًّا، وَلِعِقَابِهِ مُعَظِّمًا لَخَافَ اللَّهَ أَنْ يَرْكَبَ مَعَاصِيهِ، أَوْ يَأْتِيَ مَا يُوجِبُ غَضَبَهُ فَإِذَا أَتَى ذَلِكَ كَانَ تَارِكًا لِلْخَوْفِ وَالْوَرَعِ اللَّذَيْنِ هُمَا مِنَ الْإِيمَانِ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونُوا عَنَوْا بِهِ مِنْهُ هَذَا الْإِيمَانَ الَّذِي هُوَ زِيَادَةٌ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَلَا جَائِزَ أَنْ يَظُنَّ بِهِمْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمَنْ نَسَبَهُمْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ نَسَبَهُمْ إِلَى أَنَّهُمْ خَالَفُوا أَحْكَامَ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ، وَخَرَجُوا مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: مُسْلِمٌ وَيَهَابَانِ مُؤْمِنٌ فَإِنَّ هَذَا حَدِيثٌ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ غَيْرُ الْمُؤَمَّلِ، وَإِذَا انْفَرَدَ بِحَدِيثٍ وَجَبَ أَنْ تُوقَفَ، وَيُتَثَبَّتُ فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ سَيِّئَ الْحِفْظِ، كَثِيرَ الْغَلَطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute