٦٦٣ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أنا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَا تُبَايِعْنَا؟ قَالَ: «عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَالْحَدُّ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَتَى مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ضَمِنْتُ لَهُ الْجَنَّةَ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَتَانِ عَلَى أَنَّ السَّارِقَ وَالزَّانِيَ وَمَنْ ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ خَارِجِينَ مِنَ الْإِيمَانِ بِأَسْرِهِ إِحْدَاهُمَا قَوْلُهُ: «فَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ» وَالْحُدُودُ لَا تَكُونُ كَفَّارَاتٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِينَ، أَلَا تَرَى قَوْلَهُ: «مَنْ ⦗٦١٧⦘ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» فَإِذَا غَفَرَ لَهُ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنَ الْبَالِغِينَ الْمُكَلَّفِينَ إِلَّا مُؤْمِنٌ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ» هُوَ نَظِيرُ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] فَحَكَمَ بِأَنَّ الشِّرْكَ غَيْرَ مَغْفُورٍ لِلْمُشْرِكِ يَعْنِي إِذَا مَاتَ غَيْرَ تَائِبٍ مِنْهُ لِقَوْلِهِ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] مَعَ آيَاتٍ غَيْرِ هَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّائِبَ مِنَ الشِّرْكِ مَغْفُورٌ لَهُ شِرْكُهُ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الشِّرْكَ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُهُ هُوَ الشِّرْكُ الَّذِي لَمْ يُتَبْ مِنْهُ، وَأَنَّ التَّائِبَ مَغْفُورٌ لَهُ شِرْكُهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ لِمَنْ يَشَاءُ يَعْنِي لِمَنْ أَتَى مَا دُونَ الشِّرْكِ فَلَقِيَ اللَّهَ غَيْرَ تَائِبٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَغْفِرَ مَا دُونَ الشِّرْكِ لِلْتَائِبِ دُونَ مَنْ لَمْ يَتُبْ لَكَانَ قَدْ سَوَّى بَيْنَ الشِّرْكِ وَمَا دُونَهُ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِفَصْلِهِ بَيْنَ الشِّرْكِ وَمَا دُونَهُ مَعْنًى، فَفَصْلُهُ بَيْنَهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشِّرْكَ لَا يَغْفِرُهُ لَوْ مَاتَ وَهُوَ غَيْرُ تَائِبٍ مِنْهُ، وَأَنْ يَغْفِرَ مَا دُونَ ذَلِكَ الشِّرْكِ لِمَنْ يَشَاءُ مِمَّنْ مَاتَ وَهُوَ غَيْرُ تَائِبٍ، وَلَا جَائِزَ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ إِلَّا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، كَذَلِكَ ⦗٦١٨⦘ أَخْبَرَ الْمُصْطَفَى رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute