٧٤١ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، ثنا أَبُو مَعْمَرٍ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ذَكْوَانَ، قَالَ: " غَدَوْتُ يَوْمَ السَّبْتِ فَصَلَّيْتُ الْغَدَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَإِذَا النَّضْرُ بْنُ عَمْرٍو قَاصٌّ مِنْ قَصَّاصِ أَهْلِ الشَّامِ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا فَرَغَ تَكَلَّمَ الْحَسَنُ فَجَمَعَ الْقَوْلَ وَاخْتَصَرَ، ثُمَّ سَكَتَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ النَّضْرُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ الدُّنْيَا، وَخَلَقَ مَا فِيهَا، فَلَمْ يَخْلُقْ مَا فِيهَا مِنْ رِئَاسَتِهَا، وَبَهْجَتِهَا، وَزِينَتِهَا إِلَّا لِعِبَادِهِ، فَقَالَ: {كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: ٣١] ، وَقَالَ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢] فَأَخَذَ فِي هَذَا النَّحْوِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَوْلِهِ أَهْوَى الْحَسَنُ بِيَدِهِ إِلَى رُكْبَةِ النَّضْرِ فَجَعَلَ يَهُزَّهَا وَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، وَلَا تُوفِكْ وَلَا تُهْلِكْ، وَإِيَّاكَ وَهَذِهِ الْأَمَانِيَّ أَنْ تَرْجَحَ فِيهَا فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بِأُمْنِيَتِهِ خَيْرًا مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ ⦗٦٧٦⦘ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ، وَبَعَثَهُ بِرِسَالَاتِهِ، وَجَعَلَهُ رَسُولًا إِلَى خَلْقِهِ، ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ، ثُمَّ وَضَعَهُ مِنَ الدُّنْيَا مَوْضِعًا، وَقَوَّتَ لَهُ فِيهَا قُوتًا، حَتَّى إِذَا نَظَرَ أَهْلُ الدُّنْيَا إِلَى مَكَانِهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَكَانِ الدُّنْيَا مِنْهُ قَالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] هَاهُنَا أَمَرَنَا أَنْ نَأْخُذَ بِأَمْرِهِ، وَأَنْ نَقْتَدِيَ بِهَدْيِهِ، وَأَنْ نَسْلُكَ طَرِيقَهُ، وَأَنْ نَعْمَلَ بِسُنَّتِهِ فَمَا بَلَغْنَا فَبِمَنِّ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، وَمَا قَصَّرْنَا اسْتَغْفَرْنَا فَذَاكَ بَابُ مَخْرَجِنَا، فَأَمَّا الْأَمَانِيُّ فَلَا خَيْرَ فِيهَا، وَلَا فِي أَحَدٍ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ النَّضْرُ عِنْدَ ذَلِكَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ وَاللَّهِ إِنَّا عَلَى مَا كَانَ فِينَا لَنُحِبُّ رَبَّنَا. قَالَ الْحَسَنُ: قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَوْمٌ عَلَى عَهْدِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ إِنَّا لَنُحِبُّ رَبَّنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] فَجَعَلَ اللَّهُ اتِّبَاعَ سَنَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَمًا لِحُبِّهِ، وَأَكْذَبَ مَنْ خَالَفَهَا أَيُّهَا الرَّجُلُ: اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، فَإِنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا كَانُوا قَبْلَكَ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَانُوا مُوَافِقِينَ لِكِتَابِ رَبِّهِمْ، وَلِسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَنَّتْهُمُ اللَّيْلُ قِيَامًا عَلَى أَطْرَافِهِمْ يَفْتَرِشُونَ وُجُوهَهُمْ يُنَاجُونَ الَّذِي خَلَقَهُمْ فِي ⦗٦٧٧⦘ فِكَاكِ رِقَابِهِمْ، إِنْ عَمِلُوا حَسَنَةً دَأَبُوا فِي شُكْرِهَا، وَسَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يَتَقَبَّلَهَا، وَإِنْ عَمِلُوا سَيِّئَةً بَكَّتْهُمْ، وَسَأَلُوا اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَهَا، إِذَا أَشْرَفَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا أَخَذُوا مِنْهُ قُوتَهُمْ، وَوَضَعُوا الْعَقْلَ مَعَادَهُمْ وَإِنْ زَوَى عَنْهُمْ قَالُوا: هَذَا نَظَرٌ مِنَ اللَّهِ وَخِيَارٌ فَكَانُوا كَذَلِكَ، وَعَلَى ذَلِكَ وَاللَّهِ مَا سَلِمُوا مِنَ الذُّنُوبِ، وَلَا بَلَغُوا إِلَّا بِالْمَغْفِرَةِ وَأَصْبَحْتَ أَيُّهَا الرَّجُلُ مُخَالِفًا لِلْقَوْمِ فِي زِيِّهِمْ، وَخَوْفِهِمْ، وَجَدِّهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَقْوَامًا كَانُوا قَبْلَكَ بِمِثْلِ مَكَانِكَ يَخْطُبُونَ عَلَى هَذَا الْخَشَبِ تَهْتَزُّ بِهِمُ الدَّوَابُّ، وَيَصُونُونَ الْخَرْقَ وَيُشَيِّدُونَ الْمُدُنَ، خَرَجُوا مِنْ سُلْطَانِهِمْ، وَمِنْ دُنْيَاهُمْ فَقَدِمُوا عَلَى رَبِّهِمْ، وَنَزَلُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ فَاللَّهَ اللَّهَ اعْمَلْ فِي نَفْسِكَ، اعْمَلْ لَهَا وَاحْذَرْ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ لَكَ حَاجَةٌ فِيهَا "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute