للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٠٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو صَالِحٍ، كَاتِبُ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، وَرِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَنْعَمَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّكُمْ لَوْ عَرَفْتُمُ اللَّهَ حَقَّ الْمَعْرِفَةِ لَمَشَيْتُمْ عَلَى الْبُحُورِ، وَلَزَالَ بِدُعَائِكُمُ الْجِبَالُ، وَلَوْ أَنَّكُمْ خِفْتُمُ اللَّهَ كَحَقِّ الْخَوْفِ لَعَلِمْتُمُ الْعِلْمَ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ جَهْلٌ، وَمَا بَلَغَ ذَلِكَ أَحَدٌ قَطُّ» قُلْتُ: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا أَنَا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَمَا بَلَغَنَا قَدْ كَانَ ⦗٨٠٩⦘ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَوِ ازْدَادَ يَقِينًا وَخَوْفًا لَمَشَى فِي الْهَوَاءِ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كُنْتُ أَدْرِي أَنَّ الرُّسُلَ يُقَصِّرُوا فِي ذَلِكَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يُدْرَكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِ، وَلَا يَزْدَادُ أَحَدٌ مِنَ الْخَوْفِ وَالْيَقِينِ إِلَّا كَانَ مَا لَمْ يَبْلُغْ أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ مِنَ الَّذِي يَبْلُغُ» . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: ٢] . وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُخْتَلِفُونَ لَوْ أَنَّ مُؤْمِنًا ذُكِرَ اللَّهُ عِنْدَهُ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِبَعْضِ الْحَلَالِ فَلَمْ يَوْجَلْ قَلْبُهُ مَا كَانَ تَارِكًا فَرْضًا، وَلَوْ تُلِيَتْ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ قَلْبُهُ لِشُغْلِهِ بِمَا هُوَ فِيهِ لَمْ يَتْرُكْ فَرْضًا، وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ وَجَلَ قَلْبُهُ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَازْدَادَ إِيمَانًا بِتَحَرُّكِ قَلْبٍ عِنْدَ تِلَاوَةِ آيَاتِ اللَّهِ مُزْدَادًا مِنَ الْإِيمَانِ ثُمَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِأَنْ جَعَلَ لَهُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ بَعْدَ مَا وَصَفَهُ بِمَا قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا مِنَ الْوَجَلِ فَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ إِيمَانُ ⦗٨١٠⦘ نَفْلٍ لَا فَرْضٍ، وَكَذَلِكَ إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَفْضَلُهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ» فَهَذِهِ دَعْوَى خُصُوصٍ دُونَ الْعُمُومِ، وَقَدْ عَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ أَذًى، وَإِمَاطَتِهِ إِيمَانٌ حَتَّى تَأْتِي سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ تَخُصُّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ بَلْ ظَاهِرُ اللُّغَةِ وَالْمُتَعَارَفُ فِي الْكَلَامِ أَنَّهُ إِنَّمَا يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ مَا كَانَ فِيهِ مَلْقِيُّ، وَلَا تَمْتَنِعُ الْأُمَّةُ أَنْ تَقُولَ لِمَنْ نَحَّى شَوْكَةً عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَمَاطَ أَذًى عَنِ الطَّرِيقِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَى أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَغَفَرَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>