للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْبَعْضُ، إِذْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ اجْتِمَاعُ قَشَفِ الْمَعِيشَةِ وَشَطَفِهَا وَالرَّخَاءِ وَالسَّعَةِ فِيهَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، فَهَلْ عِنْدَكَ لِذَلِكَ مَخْرَجٌ فِي الصِّحَّةِ فَيُصَدَّقَ بِجَمِيعِهَا، أَمْ لَا حَقِيقَةَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَنَدْفَعَهَا؟ أَمْ بَعْضُهَا صَحِيحٌ مَعْنَاهُ، وَبَعْضُهُ مُسْتَحِيلٌ فِي الصِّحَّةِ مَخْرَجُهُ، فَتَدُلَّنَا عَلَى صَحِيحِ ذَلِكَ مِنْ سَقِيمِهِ، لِتُحِقَّ الْحَقَّ وَتُبْطِلَ الْبَاطِلَ؟ قِيلَ لَهُ: لَا خَبَرَ فِيمَا ذَكَرْتَ أَوْ لَمْ أَذْكُرْ يَصِحُّ سَنَدُهُ بِنَقْلِ الثِّقَاتِ الْعُدُولِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهُوَ عِنْدَنَا حَقٌّ، وَالدَّيْنُونَةُ بِهِ لِلْأُمَّةِ لَازِمَةٌ، وَلَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ يَدْفَعُ شَيْئًا مِنْهُ، وَلَا يَنْقُضُ شَيْءٌ مِنْهُ مَعْنَى شَيْءٍ غَيْرِهِ، وَنَحْنُ ذَاكِرُو بَيَانِ ذَلِكَ بِعِلَلِهِ وَحُجَجِهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ، بِعَوْنِهِ وَتَوْفِيقِهِ. فَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي مِنَ الْجُوعِ، لَا يَجِدُ مَا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ مِنَ الدَّقَلِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ يَكُونُ فِي الْحِينِ بَعْدَ الْحِينِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ ذَا مَالٍ، كَانَتْ تَسْتَغْرِقُ نَوَائِبُ الْحُقُوقِ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ وَأَهْلِ الْحَاجَةِ وَالضَّعْفِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَعَلَى الضِّيفَانِ وَمَنِ اعْتَرَاهُمْ وَقَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنْ وفُودِ الْعَرَبِ، وَفِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَثْرَةَ مَالِهِ، وَحَتَّى يَقِلَّ كَثِيرُهُ أَوْ يَذْهَبَ جَمِيعُهُ. وَكَيْفَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ فَقَالَ: هَذَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، فَكَيْفَ يُسْتَنْكَرُ لِمَنْ كَانَ هَذَا فِعْلُهُ، أَنْ يُمْلِقَ صَاحِبُهُ، ثُمَّ لَا يَكُونَ لَهُ السَّبِيلُ إِلَى سَدِّ عَوَزِهِ وَلَا إِرْفَاقِهِ لِمَا يُغْنِيهِ عَنْ غَيْرِهِ؟ وَعَلَى هَذِهِ الْخَلِيقَةِ كَانَتْ خَلَائِقُ تُبَّاعِهِ وَأَصْحَابِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>