للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَهْرَاءُ لَا تَأْلُو إِذَا هِيَ أَظْهَرَتْ ... بَصَرًا وَلَا مِنْ عَيْلَةٍ تُغْنِينِي

يَعْنِي بِقَوْلِهِ: لَا تَأْلُوا بَصَرًا، لَا تَسْتَطِيعُ. وَقَدْ تَسْتَعْمِلُ الْعَرَبُ ذَلِكَ إِذَا شَدَّدُوا اللَّامَ مِنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى، فَتَقُولُ: قَدْ أَلَّ فُلَانٌ فَهُوَ يَئِلُّ أَلَّا، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، وَذَلِكَ إِذَا مَرَّ مَرًّا سَرِيعًا فُوَيْقَ الْعَنَقِ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: آلَ، بِمَدِّ الْأَلِفِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ، فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا كُلِّهِ، وَلَهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: الرُّجُوعُ، يُقَالُ فِي ذَلِكَ: آلَ فُلَانٌ يَئُولُ أَوْلًا، وَذَلِكَ إِذَا رَجَعَ، وَآلَ الْقَطِرَانُ إِذَا خَثُرَ. وَالثَّانِي قَوْلُهُمْ: آلَ فُلَانٌ مَالَهُ، فَهُوَ يَئُولُهُ، وَذَلِكَ إِذَا أَصْلَحَهُ وَأَحْسَنَ سِيَاسَتَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ الْعَامِرِيِّ:

[البحر الكامل]

بِصَبُوحِ غَانِيَةٍ وَجَذْبِ كَرِينَةٍ ... بِمُوَتَّرٍ تَأْتَالُهُ إِبْهَامُهَا

يَعْنِي بِقَوْلِهِ: تَأْتَالُهُ تُصْلِحُهُ، وَهُوَ يَفْتَعِلُهُ مِنْ آلَ كَمَا يُقَالُ: هُوَ يَقْتَالُهُ مِنْ قُلْتَ، وَيَكْتَالُهُ، مِنْ كِلْتَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: قَدْ وَأَلَ فُلَانٌ فَهُوَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ إِذَا نَجَا بِنَفْسِهِ مِنْ مَخَافَةٍ، فَصَارَ فِي حِرْزٍ، وَالْحِرْزُ هُوَ الْمَوْئِلُ، يُقَالُ مِنْهُ: وَأَلَ فُلَانٌ فَهُوَ يَئِلُ وَأْلًا وَوُءُولًا، وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنَى ثَعْلَبَةَ:

[البحر البسيط]

وَقَدْ أُخْالِسُ رَبَّ الْبَيْتِ غَفْلَتَهُ ... وَقَدْ يُحَاذِرُ مِنِّي ثُمَّ مَا يَئِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>