وقَوْلُه:"ثم نحَر الهَدْيَ"، فالنَّحْرُ معروفٌ، وأمَّا الهَدْيُ، فمِن قَوْلِك: أهْدَيْتُ الهَدْيَ، وذلك سَوْقُكَ إيَّاه، كأنَّك تُرْشِدُه إلى مَنْحَرِهِ، وقد يكون مِن: أهْدَيْتُ أيضًا، ومِن هَدَيْتُ العَرُوسَ إلى بَعْلِها هِداءً والْقِياسُ في هذه الكلماتِ كلِّها، وإن اخْتَلَفَ بها اللَّفْظُ، واحِدٌ.
وأمَّا البُدْن، فجَمْعُ بَدَنَةٍ، وهي النَّاقَةُ، سُمِّيَتْ بَدَنَةً بالْعِظَمِ، إمَّا لِسِمَنِها، وإمَّا لِسِنِّها، لأنه لا يجوز أن يُساقَ منها الصِّغارُ، وإنَّما يُساقُ منها الثَّنِيَّاتُ الكِبارُ فما فوق، وكلما كان أَسَنَّ منها وأعْظَمَ، فهو أفْضَلُ، ويُقال للرجلِ المُسِنِّ: بَدَنٌ.
وأمَّا إشْعَارُ الهَدْيِ، فهو أنْ يَطْعَنَ في أسْنِمَتِها، وإنَّما سُمِّيَ إشْعارًا، لأنه يُجْعَلُ عَلامةً لها ودليلاً على أنها للهِ عَزَّ وجَلَّ، وكلُّ شيءٍ أعْلَمْتَهُ بعلامةٍ فقد أشْعَرْتَهُ، وكانوا يقولون إذا قُتِلَ خليفةٌ مِن الخُلَفاء: أُشْعِرَ الخليفةُ. ولا يقولون: قُتِل. كأنهم يُمَيِّزُونَهُ مِن سائِرِ الناسِ.