للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو عمرو بن الْعَلاء: وإنَّما جاز ذلك، لأنَّ القُرْءَ الوَقْتُ، وهو يَصْلُحُ لِلْحَيْضِ، ويَصْلُحُ للطُّهْرِ، يُقال: هذا قَارِئُ الرِّيَاحِ، أي: وَقْتُ هُبُوبِها، وأنْشَدَ:

شَنِئْتُ الْعَقْرَ عَقْرَبَنِي شَلِيل ... إذا هَبَّتْ لِقارِئِها الرِّيَاحُ

فهذا ما تقُوله العربُ، وليس الاخْتِلافُ الواقِعُ بين الفُقَهاءِ عَلى اطِّرَاحِ أحَدِ القَوْلَيْنِ، وكلُّهم مُجْمِعُون على أنَّ القُرْءَ اسمٌ يَقَعُ على الْحَيْضِ، كما يَقَعُ على الطُّهْرِ، ولكن كُلاَّ اخْتارَ قَوْلاً، واحْتَجَّ له مِن جِهَةِ المَعْنَى.

ومِثْلُ ذلك أنَّ الجَوْنَ اسمٌ يَقَعُ على الأبْيَضِ، كما يَقَعُ على الأَسْوَدِ، ثم اخْتَلَفَ الناسُ في الشمس، ولم سُمِّيَتْ جَوْنًا؟: فيقُولُ قومٌ: لِبَيَاضِها ونُورِها، ويقولُ آخَرُون: لا، بل لِسَوادِها، لأنَّها إذا غابت اسْوَدَّتْ ثم يَحْتَجُّ كلٌّ لِمَقالَتِه بعدَ إجْماعِهم على أنَّ الجَوْنَ الأبْيَضُ والأَسْوَدُ.

وكذا الفُقَهاءُ مُجْمِعُون على أنَّ القُرْءَ الطُّهْرُ والحَيْضُ.

<<  <   >  >>