للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال بعضُ أهلِ الأدبِ: إنَّ قَوْلَ مَن قال: (ذلك أدنى ألا تعولوا). أي: لا يَكْثُرَ مَن يَعُولُون غَلَطٌ، وذلك أنَّ الرجلَ إذا كانتْ له امرأةٌ واحدةٌ، أو مِلْكُ يَمِينٍ فهو يَعُولُها، فكيف يكونُ "ألاَّ يَعُول"، وهو في هذه الحالةِ المَوْصُوفَةِ يَعُول؟ وهذا غَلَطٌ على لَفْظِ الآيةِ.

فيُقال له: إنَّ الرجلَ إذا كانتْ له واحدةٌ، فهو يَعُولُها كما ذكرتَ، ولكنَّا إنَّما قُلْنا بكَثْرَةِ الْعِيالِ اعْتِبَارًا بالآية، وذلك أنه جَلَّ وعَزَّ، قال: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) ونحن نعلمُ أنَّ أرْبَعًا عِيالٌ كثيرٌ، ثم قال: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا)، أي: لا تَعُولُوا مَن قد مَضَى ذِكْرُهُنَّ مِن الْأَرْبَعِ، ويَلْزَمُكم أنْ تَعُولُوهُنَّ، فإنْ خِفْتُمْ، فاقْتَصِرُوا على واحدةٍ، فهو أدْنَى ألاَّ تَعُولُوا العددَ الذي قد مَضَى ذِكْرُه، والعربُ قد تُسْقِطُ الْإِضْمارَ، فيقُولون: عَمْروٌ ضَرَبْتُ. معناه: ضَرَبْتُه. ومِثْلُه: (وإذا رَأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) فأَسْقَطَ إضْمار المَذْكُورِين، وهذا كثيرٌ في الكلامِ.

قال هذا القائلُ: وكيف يَحْظُرُ اللهُ] على [أحدٍ أن يَكْثُرَ عِيَالُه، وقد تَكَفَّلَ بالْأرْزاق.

<<  <   >  >>