كان طيشه قد بدأ في دكانه الصغير حيث تناول عشاءه رفقة جماعة من المخمورين: ممبار وفلفل حار وكله مخلل بكميات هائلة من الشراب الأحمر. إنه الطعام التقليدي لكل المشردين في المرافئ الجزائرية. كان إبراهيم قد خرج ثملا، عندما غادر المتجر كي يواصل شرابه في أماكن أخرى بالقرب من المحطة.
فهو يذكر الآن الحشود الهائلة في ساحة المحطة حين كان يخترق الجموع التي تبدو كأنها تنتظر شيئا ما. وما لبث أن أحدث صفير القطار الداخل إلى المحطة، حركة جامحة، فانضم إبراهيم إلى تلك الجموع مازجا مقاصده المشوشة مع محاوراتهم.
عندما خرج المسافرون من المحطة، اشتد صخب الجموع وتعالت أصواتهم بالهتاف للذين تعرفوا عليهم بأنهم حجاج مهمهمين لهم:
- أنتم السابقون ونحن اللاحقون.
- إن شاء الله!، إن شاء الله!
وكان إبراهيم قد شاركهم أمنيتهم أيضا، وقد غمره، دون أن يعي الشعور الذي كان يخالج الحشد، حتى