غير أن شيئا ما لا يصدق كان قد أضاء في شعوره والذي استسلم بعده لسكون لذيذ.
لكنه بذل جهدا ليكبح قفزة شعوره. وكان يريد أن يطلق العنان لروحه التي كانت تتمسك بدرب حلمه، كان يرى بين جفنيه وكأنه خارج من مرفأ عنابة والمركب يعج بهتافات الحجيج الملبية لدعوة الحج وصفارات الإقلاع من تلك الباخرة تصطحبهم مثل نغمات الأرغن L'orgue. وفعلا جسد إبراهيم، ودون وعي، المشهد مرددا بأعلى صوته:
لبيك لبيك.
لقد فاجأه صوته الشاذ الذي اخترق صمت المحل. لكن روحه واصلت ملاحقة حلمه، الذي أقحم فيه كل ما يعرفه من مفاهيم عن الحج، إذ تعد هذه المعارف جزءا من ميراث كل عائلة مسلمة. إن أجيالا من الحجاج حملوا من مكة انطباعاتهم ومفارقاتهم وبذلك كونوا جزءا مهما من التراث الشعبي الإسلامي.
هل سيتابع إبراهيم حلمه كما يحلو له، أو بالأحرى سيوجهه نحو المسار العادي للحجاج؟