للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتخلى الحاج عن ملابسه العادية: الجبة، البرنس والعمامة حاسر الرأس ولا يتزيا إلا بلباس الإحرام. من هنا تبدأ حياته التعبدية وشعائره الدينية. وينسى كل شيء يربطه بالأرض، وبالعائلة وبمصالحه الدنيوية. لبيك اللهم لبيك.

وانطلاقا من (رابغ) لا تنقطع هذه التلبية فوق المركب الذي يحمل الحجاج منها إلى جدة. هكذا أرخى إبراهيم العنان لذكرياته التي ورثها عن جدته التي كانت تحكيها لهم في ليالي سمرهم العائلي عندما كان صبيا.

فتذكر جدته العجوز التي كانت تسحره بقصصها الرائعة، وذكريات عمر ذهبي تطربه، والحنين يجتاحه إلى ماضيه العائلي، إلى والده وأمه وإلى طفولته. فجأة تسلل إلى قلبه إحساس بالخطأ بسبب وجوده هنا، في محل الفحام، وعلى هذا الفراش الحقير.

حاول جادا أن يتخلص من هذا الإحساس المؤلم والعودة إلى أحلامه. فوصله صوت شخير من الخارج، تذكر رفيقه، كان من عادته عندما يرجع من دورية أن يرقده في المتجر هذا إذا لم يستلق مصروعا بالخمر على حافة مجرى الماء. وعلم هذه المرة أيضا، أن

<<  <   >  >>