منتهى النذالة لكي يفاجئوا غيرهم دون إصدار صوت أو للفرار بسرعة.
هذا الحكم المسبق بقي في العائلات الشريفة، وقد ورثه إبراهيم خلال تربيته في أثناء الطفولة ومازال متأثرا به حتى هذه اللحظة.
ابتلع إبراهيم ريقه، وكأنه جرعة من المرارة يصطحبها شعور بالخجل والألم، لم يعهدهما منذ زمن طويل.
وأمعن النظر مرة أخرى في حذائه ثم انفجر ضاحكا وكأن نوبة جنون قد ألمت به.
وكان يمتزج في فكره منظر حذائه ودكانه مع الإحساس المتناقض الذي أيقظته في نفسه كلمة (بوقرعة) وكلمة (الحاج) ليخطر بباله موضوع مثير للسخرية.
بعد أن مرت نوبة الضحك، بقي مدة مبهوتا وتخلص - وهو يختنق غيظا - من حذائه مثلما يتخلص أي إنسان من خزي ووصمة العار، وكان يعتريه هذا الإحساس الغريب الذي ينتاب المرأة الساقطة والذي يجعلها تتقبل الحاجز الذي يوضع بينها وبين المرأة الشريفة في الحمامات الشعبية والأحياء المجاورة لها.