ومهما يكن انحطاطها فإن النفس المسلمة تحافظ على بعض من كرامتها في مواجهة الإحساس بالخزي، وهي ترزح تحته.
كان لدى إبراهيم هذا الإحساس بالخزي الذي ينزل بهذه الشريحة المشبوهة من الناس الذين طبعتهم الحياة التي أخذت منعطفا عصريا والذين هم متشردون دون مأوى ولا عائلة على هامش مجتمعين: مجتمع مسلم وآخر أوربي.
كان لديه إحساس بأنه ينتمي إلى الشريحة الثانية هذه.
وقد تنهد الآن برغبة مبهمة منه في الهروب، لكن الحنين إلى الماضي ملك فكره إذ طافت صورتان في ذاكرته. فتراءى له أبوه وأمه عندما كانا على قيد الحياة. كانت حياتهما ميسورة، كلها تقوى وانتظام في هذا البيت المقابل الذي يقطنه العم محمد، وفي هذا البيت نفسه كان إبراهيم قد تزوج، لكنه طرد منه لأنه لم يعد مرغوبا فيه بسبب سوء سلوكه إذ إنه كان (زبنطوط)(١)
(١) كلمة من أصل عثماني وهي تشير في الأصل إلى رتبة عسكرية.