وهي ترفع القفص، أطلق العصفور زقزقات تأثرت بها زهرة فطفقت تشدو بأغنية شجية تهدئ روحها دائمة الحزن.
إن انسجام الأغنية الشجية مع النغمات شغلها إلى درجة أنها لم تسمع زوجها الذي ناداها مرتين أو ثلاثا من داخل الغرفة عندما اسيقظ وراح يتابع المشهد من العتبة وهو لا يزال نصف مخمور.
إنه لمن أسوأ الظروف عندما يكون إنسان ما نصف مخمور حين يبدأ يفيق تدريجيا من سكره.
أحس إبراهيم بأنه محتقر من قبل زهرة التي تبدو له وكأنها لا تعيره اهتماما كافيا مثل الذي تعيره للعصفور، فاستشاط غضبا من الإهانة التي تعرض لها كبرياؤه، فانقض على القفص دون أن ينبس بكلمة واحدة وألقى به في صحن البيت. فأطلقت زهرة صرخة ألم وهبطت في السلالم مسرعة لتأخذ القفص حيث لفظ العصفور آخر انغامه ...
غير أنها لم تصعد مرة أخرى ولم يرها إبراهيم منذ ذلك اليوم إلا مرة واحدة عند القاضي الذي أعلن طلاقها منه.