هنا تدخل العم محمد ليضع حدا لفضائح إبراهيم وعربداته وكان تدخله هذا احتراما لجيرانه الشرفاء، امتثل إبراهيم طوعا لقرار طلب صديق العائلة الحميم الذي كان وراء حصوله على المتجر الذي يقيم فيه الآن. إن العم محمد كان يفكر في الوقت نفسه بإيوائه وأن يفتتح له بقالة بميزانية صغيرة على أمل أن تنقذه من هذا الوحل السيئ الذي غاص فيه.
لكن إبراهيم واصل بصورة مستمرة تدنيه أكثر فأكثر نحو القاع، فقد بدد رأس المال واستطاع العم محمد بصعوبة أن يبقي له المحل. ولم يدفعه ويشجعه إلا بعد مدة من ذلك على أن يحول رأس ماله إلى تجارة بيع الفحم وعندما صفى إبراهيم كل أملاك العائلة أظهر نيته أيضا في بيع البيت إلا أن عمه محمد تمكن بجهد كبير من أن يمتعه من ذلك بواسطة مبلغ خصمه من إيجاره في المستقبل كي يساعده على إقامة مشروعه الحالي.
مرت هذه الذكريات في مخيلة إبراهيم، الذي لم ينتبه إلى حاله الراهن منذ أمد بعيد، لقد تنبه إلى وضعه المزري الذي وصل إليه؛ هذا الوضع المخزي الذي يعيره به صبيان أزقة بونة بلقب (بوقرعة)(صاحب قارورة النبيذ).