في أول الأمر كان يجد في نفسه قوة ليسخط بطريقته على إهانة هؤلاء الصبية ووقاحتهم إذ كان يرد عليهم ببعض البذاءات أو بعض التهديدات.
ولكن منذ وقت طويل تلاشت فيه هذه المجابهة وصار غير مبال بسخرية الأطفال.
فعندما يحكم الوسط الاجتماعي على شخص ما، فالأطفال هم الذين يصدرون الحكم بشراسة فينعتون المجنون بالمجنون والسكير بالسكير. فهم القضاة المدافعون عن المصالح والأعراف والتقاليد.
لقد كان إبراهيم منذ مدة يرضى بحكم الوسط الاجتماعي: في السخرية التي يعير بها في الشارع (يا بوقرعة).
وتساءل في نفسه وهو يطفئ خيط الشمعة التي كانت تطلق دخانا منذ مدة: كيف يمكن التخلص من هذه الأحكام؟. فجأة انطلق صوت مؤذن الفجر الذي اخترق السكون الذي يلف المدينة النائمة وبث في أزقتها الخالية الصدى الداعي إلى الصلاة:
الله أكبر! الله أكبر!
استمع إبراهيم إلى هذا الصوت الذي يشدو كل صباح على امتداد آفاق الإسلام كأنه لم يسمعه منذ أمد