للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعيد. سمعه كمن أيقظه بعد نوم عميق ليناديه إلى الصلاة. كان يحس وكأن الأذان قد أيقظه من سبات دام لسنوات طوال.

هذا الصوت أيقظ فيه أيضا أصداء بعيدة، فتذكر أنه في مثل هذا الوقت كان ينهض والده لكي يتوضأ ويصلي. وردد الصوت نداءه الأخير على المدينة النائمة مناديا:

- حي على الفلاح! الله أكبر، لا إله إلا الله.

وهو يستمع إلى النداء الذي تلاشى ببطء في السماء، تراءى له بغموض تناقض ما كان قد تجلى بداخله من قبل. في هذه اللحظة كان إحساسه بالاستسلام إلى (المكتوب) وذلك الانجذاب الذي أحدثه صوت المؤذن في نفسه يتصادمان. لكن طبيعته حادت به عن التفكير في السر الموجود في مثل هكذا تناقض. فعقله كان يرفض حل هذا الجدال الشائك الذي تشمئز منه نفسه، واكتفى سرا فقط بترديد قول المؤذن:

حي على الفلاح!

هذه العبارة التي لخصت حالته النفسية في هذه الدقيقة تناهت إليه مثل صدى لحرار داخلي كان قد

<<  <   >  >>