وقف صاحب إبراهيم الذي أبكمه ما سمع، إذ لم يفهم أي شيء مما يدور داخل المحل، غير أنه أدرك أن شيئا جديدا طرأ على حياة الفحام. رسمت استضافة العم محمد على وجه إبراهيم ملامح تقدير إذ بدا متأثرا وقد ملأت الدموع عينيه محدثا نفسه:
- لقد قبلوني في المنزل، ودعاني الشرفاء إلى مائدتهم.
كانت هذه الدعوة تعبيرا عن تقدير الناس واحترامهم له. ولكنه هم بالاعتذار غير أن العم محمد قرر جازما:
- يجب أن تخرج من المنزل ككل الحجاج وليس كمن لا بيت له. وفضلا عن هذا، فكل الجيران يدعونك ليودعوك.
فاضت مناعر إبراهيم الذي مسح دمعه عن خده.
في هذه اللحظة سمع صوت زفير مكتوم جعله يستدير، وإذا بصاحبه تجتاحه المشاعر نفسها. لقد كان يبكي لبكاء إبراهيم حزنا لفراق صاحبه في الشقاء.
انفجر إبراهيم ضاحكا من منظر صاحبه المثير للشفقة ولكي يزيل عنه ما يشغله بادره قائلا: