رد عليها إبراهيم وقد ملأته كلمة (سي) التي استعملتها العجوز قبل اسمه بالرضا والسرور.
كانت (الميدة)، تلك الطاولة ذات الأرجل القصيرة، الخاصة بمسلمي شمال إفريقية، قد نصبت وأعدت. أجلسوا إبراهيم في المكان الشرفي من المائدة. كان العم محمد يأكل معه في حين كانت العمة فاطمة التي أحضرت كل شيء عند متناول يديها - حتى لا تتعب رجليها الضعيفتين وحتى لا تغيب عن ضيفها - جالسة على السجادة تتجاذب أطراف الحديث مع المدعوين، عن الماضي وذكرياتهم المشتركة التي عاشوها في هذا المنزل. لم يظهر لدى
المدعوين، رغبة في الأكل.
كان إبراهيم متأثرا باضطراب الصباح؛ إذ يشغله موعد مغادرة المركب أما العم محمد فكان يحيطه بآداب الضيافة.
استأذن إبراهيم، ووقف شاكرا للعجوزين اللذين رافقاه. وحينما كان إبراهيم ينتعل حذاءه عند عتبة الغرفة أقبل العم محمد وهو يحمل قفة ممتلئة قائلا له: - هذه مؤونة الطريق، إنها لك.