ابتسم إبراهيم لصاحبيه، وهما يشيران إلى العبارة التي بدأت تسحب أمام الجموع الموجودة أمام العبارة، وهي تفصلهم عن أحبابهم فوق المركب إذ علت أصواتهم بالصراخ:
- فليرجعكم الله إلينا سالمين، غانمين إن شاء الله! ادعوا لنا ...
دوى صفير ثان، وبدأ المركب الذي ضج بصياح الحجاج بين ملب ومودع، يبتعد شيئا فشيئا عن الرصيف. مكث إبراهيم في مكانه، يجول ببصره في ميناء بونة الذي شهد ليالي ضياعه وسكره.
ملكته سعادة لا توصف، لأنه لم يعد يشعر بالألم عند تذكره لماضيه الذي مكنه ابتعاد المركب من رؤية تفاصيله على الميناء. مرت بخاطره ذكرى، رسمت على وجهه ابتسامة، كان مشهدا مضحكا سبب رحيله من المنزل العائلي الذي كان يقيم فيه رغما عن كل ساكنيه عدا العم محمد.
لم يتقبل الجيران أن يكون بينهم مطلق وسكير ولكنهم احتملوه لأنه كان صاحب المنزل وأيضا لأن