لم يعد يعنيه الآن هذا الماضي، وكأنه ماض لشخص آخر، إذ جنح فكره عند رؤيته منارة مسجد الباي إلى مشاهد الصبيحة. فجأة، تذكر المسبحة التي حول عنقه فتلمسها، لتأخذ بذكراه إلى الماضي، لكن هذه المرة، إلى ماض هادئ وكأنه يوم ربيعي.
مرت بفكره مشاهد من حياته الزوجية. كانت سعيدة في بدايتها، لكن الندم على هذا الماضي لم يؤثر في إبراهيم الذي سمحت له حالته الوجدانية أن يربط آماله بالمستقبل، وباللحظات البعيدة والسعيدة وكأنه لم يكن غير هذا الشخص الذي هو عليه الآن: رجل مشدود إلى الله.
كان إبراهيم في هذه اللحظة في حالة نفسية خاصة لمسلم متوسط الإيمان، قلبه ممتلئ بالثقة في رحمة الله وحلمه. إن زمن الخطيئة قد ولى بالنسبة إلى إبراهيم، منذ صبيحة هذا اليوم المشهود لم يبق للندم والإحساس بالخطيئة اللذين يعذبانه، غالبا عندما يكون ثملا في نفسه مكان بعد اليوم.
فالمسلم، عندما يتخلص من خطاياه، تنتابه ثقة كبيرة في مغفرة الله، إلى درجة يتلاشى معها الندم على هذه الخطايا. ولكن تبقى خطيئة قتل النفس البشرية