قلت: وأي شيء أشد مما صنع هؤلاء، ارتدوا عن الإسلام، وقتلوا وسرقوا. فقال عنبسة بن سعد: والله إن سمعت كاليوم قط، قلت: أترد على حديثي يا عنبسة؟ قال: لا، ولكن جئت بالحديث على وجهه، والله لا يزال هذا الجند بخير ما عاش هذا الشيخ بين أظهركم.
قلت: وقد كان في هذا سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دخل عليه نفر من الأنصار فتحدثوا عنده، فخرج رجل منهم بين أيديهم فقتل، فخرجوا بعده، فإذا هم بصاحبهم يتشخط في الدم، فرجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله، صاحبنا كان يتحدث معنا، فخرج بين أيدينا، فإذا نحن به يتشخط في الدم، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:(من تظنون -أو من ترون-قتله) قالوا: نرى أن اليهود قتلته، فأرسل إلى اليهود فدعاهم، فقال:(آنتم قتلتم هذا؟) قالوا: لا، قال:(أترضون نفل خمسين من اليهود ما قتلوه)، قالوا: ما يبالون أن يقتلونا أجمعين، ثم ينتفلون، قال:(أفتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم) قالوا: ما كنا لنحلف، فوداه من عنده.
قلت: وقد كنت هذيل قد خلعوا خليعًا لهم في الجاهلية، فطرق أهل بيت بالبطحاء فانتبه رجل منهم، فحذفه بالسيف فقتله، فجاءت هذيل، وأخذوا اليماني فرفعوه إلى عمر بالموسم، وقالوا: قتل صاحبنا، فقال: إنهم قد خلعوه، فقال: يقسم خمسون من هذيل ما خلعوه، قال: فأقسم تسعة وأربعون رجلًا، وقدم رجل منهم من الشام، فسألوه أن يقسم، فافتدى يمينه منهم بألف درهم. فأدخلوا (١٦٩/ب) مكانه رجلًا آخر، فدفعه إلى أخي المقتول، فقرنت يده بيده، قال: فانطلقا والخمسون الذين أقسموا، حتى إذا