فكان على معنى الهدية من أبي بكر رضي الله عنه للنبي - صلى الله عليه وسلم - مثل اللحم الذي تصدق به على بريرة.
وقوله:(فاتبعنا سراقة بن مالك ونحن في جلد من الأرض).
يعنى بالجلد: الأرض الصلبة الغليظة غير متهيلة ولا متخسفة. (٩/ ب). وقوله:(في جلد من الأرض) فإن ارتطام فرس سراقة في جلد من الأرض آية من آيات الله عز وجل على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله:(ألم يأن للرحيل؟) يعني الوقت للرحيل، وهذا مما يدل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في تلك الحال على ما مضى فيه من تشريع الهرب من المخوف، ثابت الجنان قوي القلب بربه سبحانه وتعالى، فلم يهب من النوم هبوب المنزعج ولا الخائف ولذلك قال:(ألم يأن للرحيل؟)، قال:(بلى).
وقوله:(فقلت يا رسول الله: أتينا، فقال: لا تحزن إن الله معنا).
* وهذا مما يدلك على أن أول سابق سبق إلى قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند شدة الصدمة والفزع إلى الله سبحانه لا إلى مخلوق، فلم يقل: سنتوارى في هذا الشجر، ولا: سنرقى هذا الجبل، ولكنه قال:(لا تحزن إن الله معنا) وهاهنا يتبين الإيمان لا بالنوم في الشمس ولا بشرب اللبن الذي فيه القذى التراب.
وقوله:(فدعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارتطمت فرسه):
* ارتطمت الفرس إلى تشبثت ولم تكد تتخلص. وقوله:(إلى بطنها). أرى هذا يدل على أن الصديق كان شديد التحرج في نطقه لأنه قال:(أرى) أي أحسب.