وهذا الإتيان من جبريل في منام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع كونه كان إيتائه إياه صلى الله (١٢٨/أ) عليه وسلم دالة في اليقظة.
فالذي أراه في ذلك أنه جاءه مناما هو وميكائيل بإيتائه يضرب هذا المثل؛ فإن هذا مثل متصور من اثنين ولو قد جاء يقظة لكانت الرسالة شركة بين جبريل وميكائيل، وقد كان جبريل مخصوصا بالرسالة في اليقظة، فلما كانت حاله منام نزل مع جبريل غيره.
* وإنما ضرب الله هذا مثلا لأنه أراد به ذكر الآخرة، فالناس في الدنيا نيام فإذا ماتوا انتبهوا، والمراد أن هذه الدار التي بناها الله لخلقه فنصب فيها مائدة، وأن الداعي إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا أنه لم يذكر في هذا الحديث أن الله خلق نارا، وجعل البذارة محذرة منها؛ لأنه قد تقدم قولنا إن النار إنما خلقت كرامة لأهل الجنة؛ لأنه لولا وجود العذاب ما حلت النعمة ولا انتصر مظلوم فاشتفى قلبه.
* أما قول الملائكة:(العين نائمة، والقلب يقظان) فإنه الحق، وفيه دليل على أن غيره - صلى الله عليه وسلم - ينام قلبه على إثر نوم عينه، فامتاز هو بأن قلبه لا ينام إذا نامت عيناه.
وأما كونه عنى بالدار الجنة، فإن الله تعالى لما بنى الجنة على بناء لم يكن يستغرق وصفه القول أحب جل جلاله أن تراها عباده، وأن يدعو إليها