فجعله المقام بينه وبين البيت فكأن أبي يقول: ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يقرأ في الركعتين {قل هو الله أحد} و {قل يا أيها الكافرون}.
ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما دنا من الصفا قرأ:{إن الصفا والمروة من شعائر الله}(أبدأ بما بدأ الله به)، فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت (١٢٤/أ) فاستقبل القبلة، فوحد الله وكبره وقال:(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)، ثم دعا بين ذلك، وقال مثل هذا ثلاث مرات.
ثم نزل إلى المروة، حتى انصبت قدماه في بطن الوادي رمل، حتى إذا صعدتا مشى، حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال:(لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل، وليجعلها عمرة).
فقال سراقة بن جعشم فقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في الأخرى، وقال:(دخلت العمرة في الحج) مرتين، (لا؛ بل لأبد الأبد).
وقدم علي رضي الله عنه من اليمن ببدن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست صبيغا، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: أبي أمرني بهذا، قال: فكان علي رضي الله عنه يقول بالعراق: فذهبت إلى