اليسير فإنه لا يأكله في دفعة ويرتقب غيره، بل يوزعه على الأيام، ولا يكون ذلك قادحًا في توكله بل منسوبًا إلى حسن تدبيره؛ إلا أنه يراعي في ذلك قدر ما يمسك الرمق.
* وفيه أيضًا أن الماء يغذو، وأن أولى ما استكثر به من الماء استعمال التمر وشبهه من الحلوى. وقد روي في حديث أبي ذر أنه بقي شهرًا ليس له طعام إلا ماء زمزم قال:(فتكسرت عكن بطني).
* وفيه أيضًا أنه لما قذف الله تعالى لهم بهذه الطعمة أقاموا عليها شهرًا بحسب ما احتاجوا إليه.
* وفيه أيضًا أن الرجل إذا رأى شيئًا عجبًا وأراد أن يخبر عنه قدر ذلك المقدار لما يخبر به؛ ألا تراه كيف أقعد ثلاثة عشر رجلا في حجاج عينه؟! وكيف اعترف من وقب عينه بالقلال؟ وكيف أقام ضلعًا من أضلاعه ثم رحل أعظم بعير فجاز تحتها؟ وهذا يدل على أن المستحب للراوي إذا أراد أن يروي حديثًا يطرف به، أن يعتبر المحكي عنه بمعيار، ويستند حديثه إليه.
وقوله:(ثم تزودنا من لحمه وشائق)؛ والوشائق: ما قطع من اللحم ليقدد) الواحدة: وشيقة.
والعير: الإبل التي تحمل الميرة.
والخيط: ورق الشجر.
ووقب العين: ما نقر منها؛ والوقب: كالنقرة في الشيء أو الحفرة.
والفدرة: القطعة من اللحم، وجمعها (١٢٠/ ب) فدر.
* وفيه أيضًا أن استباحة المفتي ومشاركته من أفتاه فيما أفتاه بإباحته يزيده طيبًا، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قال لهم:(هو رزق أخرجه الله لكم)، ثم قال:(هل معكم من لحمه شيء)؟ فعرفهم حله للمضطر وغير المضطر.