المسجد، فالتمس النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يعرفه، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل فاضطجع، فرآه علي رضي الله عنه، فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح (١٦٢/ ب)، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد، فظل ذلك اليوم ولا يراه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه فمر به علي رضي الله عنه فقال: أما أنى للرجل أن يعرف منزله؟ فأقامه فذهب معه، ولا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى إذا كان يوم الثالثة فعل مثل ذلك فأقامه علي معه ثم قال: ألا تحدثني ما الذي أقدمك هذا البلد؟ قال: إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا لترشدني فعلت، ففعل فأخبره، فقال: إنه حق وهو رسول الله، فإذا أصبحت اتبعني فإني إن رأيت شيئًا أخافه عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ففعل، فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ودخل معه فسمع من قوله، وأسلم مكانه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري)، فقال: والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه، وأتى العباس فأكب عليه، وقال: ويلكم، ألستم تعلمون أنه من غفار، وأن طريق تجاركم إلى الشام عليهم؟ فأنقذه منهم ثم عاد من الغد بمثلها، وثاروا إليه فضربوه، فأكب عليه العباس فأنقذه، وفي الرواية الأخرى ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له لما أسلم (يا أبا ذر، اكتم هذا الأمر وارجع إلى بلدك، فإذا بلغك ظهورنا فأقبل) قال: والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم .. وذكر نحوه. وقال: فكان هذا أول إسلام أبي ذر].