لا ينطوي فيه عنه سر حتى سمع فيه صريف الأقلام بما كان ويكون إلى يوم القيامة. وهذا مقام لا يبلغه غيره - صلى الله عليه وسلم -.
* وقوله:(ففرض على أمتي خمسين صلاة) فرجعت بذلك حتى أمر على موسى فقال: موسى عليه السلام (ارجع إلى ربك) فأما موسى - صلى الله عليه وسلم - فإنه سعى لهذه الأمة في تخفيف آل ببركة نيته إلى تضعيف فصارت الخمس في الأداء خمسين في فضل الجزاء، ويدلك على أن جبريل إنما عاد إلى صحبته منذ استقر الأمر في الصلاة عند ذكر موسى.
* وقوله:(انطلق بي إلى سدرة المنتهى فغشيتها الألوان لا أدري ما هي) في هذا من الفقه:
أن الألوان التي يعرفها الآدميون في الدنيا ويسمونها معدودة محصورة، وأن تلك الألوان لا يدري ما هي أي لا يعرف الآدميون أسماءها، لأنها ليس لها في الدنيا مثل فهي مما تفرد الله تعالى بعلمه.
* وقوله:(ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك) وناهيك بدار يكون أعز شيء في طيب الدنيا هو فيها مكان التراب.
-٣٥٦ -
الحديث الثالث:
[عن أبي ذر قال: خرجت ليلة من الليالي، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي وحده، ليس معه إنسان، قال: فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد، قال: فجعلت أمشي في ظل القمر، فالتفت فرآني، فقال: من هذا؟ فقلت: أبو ذر، جعلني الله فداك، قال: يا أبا ذر تعاله. قال: فمشيت معه ساعة، فقال: (إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة، إلا من أعطاه الله خيرًا، فنفح عن يمينه وشماله