يغضب البشر وإني قد اتخذت عندك عهدًا لن تخلفنه. فأيُّما مؤمن آذيته، أو سببته، أو جلدته فاجعلها له كفارة، وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة).
والذي أراه أنا في ذلك أن هذا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يخرج مخرج الفضيلة، ولكنه يكون سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل من سبه أو نهره أو ضربه فإنه يجعل ذلك كفارة لفعله الذي اقتضى ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
* وقوله:(قربة) يعني أنه بعد تكفيره بذلك الفعل عنه ما أوجب نيله به، فإنه يقرب من الله تعالى ويذهب عنه البعد، إلا أن مسلمًا وإخراجه لهذا في مخرج الفضيلة فما أراه رضي الله عنه إلا شدة عن موضع الفضيلة من هذا الحديث لمعاوية، أو لأنه لم يثبت السامع منه ما حوله عنه؛ فإن الفضيلة لمعاوية في هذا الحديث هو تكرير استدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياه، وإفراده بالاستدعاء عن غيره، وهذا يدل على أنه كان ذا حال خاصة منه.
* وقوله:(لا أشبع الله بطنه) فقد يحتمل أن لا يكون دعاء عليه من حيث أن المؤمنين يستحب فيهم قلة أكل بحيث يبلغ الشبع، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد به حال خواص المؤمنين، فقد روي لنا ما يدل على أن هذه الدعوة أجيبت فيه؛ فإن معاوية قال فيما بلغنا عنه: ما كنت أحسب أن مؤمنًا يشبع. ومعنى هذا الشبع المكروه: هو الذي لا يمكن فوقه تناول الطعام، فإن شبع المؤمنين غير الجوع، وكونهم لا يأكلون غالبًا إلا مع الإخوان والأضياف (٦٢/أ) بالمواساة، فإنهم لا يكاد يشبع أحدهم حتى لا يمكنه أن يتناول طعامًا آخر.