ولعل شركات التبغ قد تنبهيت لهذه الحقيقة الغريبة، فأقدمت على مغامرة جريئة حيرت معها الرأي العام فى بعض الدول، وذلك حين أعلنت أنها لاثبات حسن نواياها ومساهمة منها فى القضاء على ذلك القاتل البطىء، واستئصالا لذلك الداء اللعين، ومحافظة على صحة إنسان القرن الحادي والعشرين فإنها سوف تبذل جهودا مخلصة للقضاء على عادة التدخين من أجل الإقلاع عنها نهائيا، وإنها ستعرض فيلما يدور حول حياة أحد المشاهير العظام من نجوم السينما تسبب إفراطه فى التدخين أنه قد مرض، وقضى نحبه فى نهاية الأمر. . ولقد تناول الفيلم بإسهاب شديد حياة هذا النجم الحافلة بالمسرات ومختلف أنواع المتعة واللذة، وأن السيجارة لم تفارق فمه طوال مدة عرض الفيلم. . . وفى الدقائق الأخيرة يرى المشاهد هذا النجم وقد هبط من سمائه إلى الهاوية. . . ويموت.
وتم تسجيل بعض ردود الفعل لرواد الفيلم من الشبان والمراهقين، فلوحظ زيادة إقبالهم على التدخين، خاصة ذلك النوع الذي كان يدخنه البطل!
وحاولت بعض السلطات القضائية إيقاف عرض الفيلم، وكان دون فائدة مرجوة، فقد سبق السيف العزل!
والحقيقة المؤكدة أن هذه الشركات كانت على يقين من أن الحقائق وحدها مهما كان نوعها وتأثيرها - لن تحسم قضية التدخين بل ربما تأتى بنتائج عكسية تماما!
ومن هنا نتسائل: هل العبارة التى تكتب على جانبى علبة التبغ التدخين ضار جدا بالصحة، هل أفادت أم أضرت؟
إنه موضوع قابل للمناقشة والبحث والتأمل
(بسؤال ١٥٠ شابا عن تعليقهم على هذه العبارة كانت الإجابات كالآتى (١١٠ قالوا نعلم هذا وأكثر منه، ١٩ قالوا ولماذا تبيعها الدولة؟!، ٢١ أجابوا إجابات مختلفة منها: ربما، كل ما حولنا ملوثا، الأعمار بيد الله. . . إلخ).
وإذا كان التشريع لا يحسم المشكلة بل قد يزيدها تعقيدا (خاصة فى دول العالم الثالث الذى ندور نحن فى فلكه).