الثاني: أن نفهم كلام السلف ونعرفه، لكي لا نتعجل في رده.
الثالث: أن نبني عليه ولا ننقضه.
الرابع: أن نعلم أن اختلافهم -في الغالب- اختلاف تنوع، وقد يكون راجعاً إلى قول، وقد يكون راجعاً إلى قولين أو أكثر؛ فإن كان راجعاً إلى قول، فقد يكون القول المعاصر داخلاً في أحد أقوالهم أو معنى جديداً؛ فإن كان معنى جديداً فضابط قبوله أن لا ينقض قولهم ويرده، وإن كان راجعاً إلى أكثر من قول؛ فإما أن نختار من أقوالهم، وإما أن نأتي برأي جديد يكون مع أقوالهم على سبيل التنوع لا المناقضة.
وهذا المقام فيه سعة في اختيار قول، والإعراض عن الأقوال الأخرى، لكن لا يكون الاختيار والترك إلا بعلم؛ لأنه قد يكون المتروك هو القول الصحيح.
الخامس: أن عدم قولهم بهذا مبني على مسألة مهمة، وهي التفريق بين أمرين:
الأمر الأول: أنه لا يوجد في القرآن مالم يعرف السلف له معنى صحيحاً، وهذا يعني أنهم –بجمهورهم- فسروا القرآن كله، ولم يفت عليهم شيء من معانيه.
الأمر الثاني: أن للقرآن وجوهاً غير التي ذكرها السلف، وأنه يجوز تفسير القرآن بالوجوه الصحيحة التي تحتملها الآية، وهذا يعني أنه قد يرد عند المتأخرين من وجوه القرآن ما لم تكن دواعيه موجودة عند السلف، فيفسره المعاصرون على ما ظهر عندهم من الدواعي، ويكون تفسيرهم مقبولاً إذا كان جارياً على أصول التفسير الصحيحة. ص٨٦ - ٨٨
٤٧ - إن من المهم جداً لدارس علم التفسير أن يعرف الصحيح من الضعيف في التفسير، ولا يمكنه ذلك إلا إذا كانت هناك ضوابط وقواعد واضحة يعمل بها. ص٨٩
٤٨ - ضوابط قبول التفسيرات المبنية على العلوم الكونية:
أولا: أن تكون القضية المفسر بها صحيحة في ذاتها، فإن كانت باطلة فلا يصح أن يحمل القرآن عليها.
وتظهر صحتها من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: صحتها من جهة الوقوع.
الوجه الثاني: دلالة اللغة عليها.
الوجه الثالث: عدم مناقضتها للشرع.