للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكيف يقال، وهذا موقفه عندما غلب سحرته وخروا سجداً: إنه أدبر مذعوراً عندما إنقلبت عصا موسى حية، وفر بنفسه هارباً؟

ما نطمئن إليه، هو أن مسعاه كان لتدبير الأمر ودفع الخطر الذي يهدده:

{فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} .

لم يصرح القرآن بمفعول حشر، ولكن لفظ الحضر بما له من دلالة صريحة على الجمع المزدحم، يغني عن ذكر المحذوف. وقلما يستعمل الحشر - لغة - لإلا في موضع الحشد والشدة، ومنه حشر الجماعة أي إخراجهما إلى الحرب، والقرآن الكريم، يستعمله غالباً في اليوم الآخر، وقد سمي "يوم الحشر" في أكثر من ثلاثين موضعاً، أما استعماله في الحياة الدنيا فجاء منه في القرآن: وآية النمل ١٧: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ} .

وآية الحشر في خروج الذين كفروا من أهل الكتاب، من ديارهم في خبير شمالى الحجاز: {لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ} .

وآية ص ١٩: {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} لداود عليه السلام.

وخمس مرات مع فرعون موسى: طه ٥٩.

الأعراف ١١١، الشعراء ٣٦، ٥٣، والنازعات ٢٣.

والنداء في: فحشر فنادى، مسند إلى ضمير فرعون، لكن الزمخشري ذكر فيه إحتمالين:

أن يكون فرعون "قد أمر منادياً فنادى في الناس بذلك".

وهذا ما لا يعين عليه النص.

أو "أن يكون قد قام بنفسه خطيباً".

والإيجاز البليغ في قوله: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} ينفي أن يكون الموقف موقف خطابه، وإنما هي كلمات ثلاث لم تزد. ولهذا الإيجاز دلالته على الحالة النفسية للطاغية حين شعر بالخطر، وهو متسق مع ما يسيطر على السورة

<<  <  ج: ص:  >  >>