للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يقال لهم: لو كان نقلُ الشيعة الذي ذكرتموهُ وارداَ على شرط ما

وصفتُم، كثرةَ عن كثرة حتى ينتهي في الأصل إلى قومِ بهم تقومُ الحجَّة.

سمعوا إنكارَه على علي وخلافِه على القوم بما قل أو كثُر، لوجبَ لنا علمُ

الضرورة بصدقكم، وللزم قلوبُنا العلمُ بصحةِ نقلكم وثبوت روايتكم، لأن

هذه سبيلَ العلم بكل خبرٍ تواتر نقلُه واستوى طرفاه ووسُطَ، وفي رجوعنا

إلى أنفُسنا مع سماعِنا لقولِ مُدعي ذلك منكم، ووجودنا أنفسنا مع سماعِنا

غيرَ عالمةِ بصحة دعواهُ وروايته أوضحُ دليلٍ على كذبكم في هذه الرواية.

وبمثل هذه الطريقة بعينها يُعلم بطلانُ نقلكم لنص النبي - صلى الله عليه وسلم - على عليٍّ عليه السلام، وأمره للناس بالانقياد والخنوع لطاعته، وقد أشبَعنا القولَ في ذلك في كتابي "الإمامة" وغيرِها بما يُغني متأمله.

فإن قالوا: لم يبلُغ نقلُنا لذلكَ عَن عليٍّ عليه السلامُ مبلَغا يوجبُ علمَ

الضرورة، وإنَّما يُعلمُ صحّةُ نقلِنا بدليل، قيل لهم: فما ذلك الدليل، فإنا

غيرُ عالمينَ بصحَّة ما ذكرتم، ولا عارِفي الدليل على ثبوته.

فإن قالوا: الدليلُ عليه كثرةُ نقلةِ هذا الخبر من الشيعة، ونعرِف هممهُم

ودواعِيَهم واعتراضَهم وتباعد ديارِهم وأوطانهم، وامتناعَ اتفاقِ الكذب من

جمِيعهم في الأمر الواحد لداعٍ واحدٍ ودواعِ متفرقة، أو تراسُلهم وتشاعُرهم

بذلك مع إكتامِه عليهم واستمرارِ السلامة بهم فيه، قيل لهم: فبدون العدد

الذي وصفتُم تقع الضرورةُ إلى صدقِ النقَلةِ ويزولُ الشك والشبهة، وبنقلِ

مثلِ هذا العدد ودونه حصلت لنا الضرورةُ إلى العلم بأن في العالم صينا

وخراسانا، وإذا كان ذلك كذلك بطل أن يكون نقل من ذُكر حاله ممّا نحتاجُ

في العلمِ بصحته إلى نظرٍ وتفكُرٍ وإقامةِ برهانٍ ودليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>