لو طال بحديثه استمتاعه ليزيد في الأخذ عنه والتَّشَبُّع بفضائله والاغتراف من بحر علمه.
وبينا كنتَ ترى الأستاذ على قَدَمِ السَّلف الصالِح، عالمًا كبيرًا بين الفقهاء والأصوليين والمُحَدِّثِينَ والمفسرين إذا هو من الأفراد المُختصين بالأدب وما يتعلق به، وبينا تراه يؤلف ويطبع، إِذا بك تراه يواظب على تدريس طلبته ووعظ المستمعين في درسه وخطبه، ومع كل هذه الأعمال التي قد يكون منها انقباض في صدر العامل تراه يهش ويبش كل ساعة، ويفسح من وقته شطرًا ليغشى مجلسه أوفياؤه وأخلَّاؤه وطلّاب الفوائد منه.
فهو علامة بين العلماء، منوَّر ممدن بين المنورين بنور المدنية الصحيحة. ذهبَ مثال الرجل الصالح، عفيف الطعمة، لم يسفِ إلى ما يسفِ إليه بعض من يتذوقون قليلًا من المعارف، وما أنكر إلَّا المنكَر ولا أمر إلَّا بالمعروف، ومن ضيق ذات يده كان يتصدق في السِّرِّ، ولا يخلو ساعة من عبادة وذكر، وما فقْده جَلَلٌ على دمشق بل على الشَّام بل على أهل الإِسلام، وشهرته التي نالها في العالم الإِسلامي في هذه السِّن من الكهولة هي مما استحقه أو أقل مما يستحقه؛ لأنه حقيقةً العالم العامل الذي يُحبب الدِّين حتى لمن لم يتدين حياته.
فاللَّهُمَّ عوِّض المسلمين عن هذه الدرة اليتيمة التي أصيبوا بها وارحمه عداد حسناته، وارزقنا الصبر عليه، وجميع أسرته ومريديه وأحبابه الذين فجعوا به؟