وزير معارف سورية السابق ورئيس المجمع العلمي العربي (١)
تَلِدُ الولَّاداتُ كُلَّ يومٍ أولادًا، وتطوي الأرض أُناسًا لا يحصي عددهم غير خالقهم، ولكن من يؤثرون الأَثَرَ فيذكرون في حياتهم وبعد مماتهم أقل من القليل وأقل منهم في أهل هذا الشرق التعس، وفي أهلِ الإِسلام خاصَّةً؛ وذلك لأن العَالَمَ الإِسلامي بعد أن هبت أعاصير الاختلافات في القرون الوسطى، وحاربت حكومات تلكَ الأيام رجالات المعقولات، وأحرارَ الأفكار ضعف مستوى العقول؛ لأنها لم يطلق لها العنان، وتقاصرت الهمم لأنها لم تجد منشطًا فقل جدًّا النَّابِغُونَ النَّابهون.
وما ننسَ لا نَنْسَ ما وقعَ لشيخِ الإِسلامِ؛ بل عَالِمُ السُّنَّةِ، وإمامِ الأئمةِ، ومجددُ شَبابِ الحنيفيةِ السَّمّحاءِ تقي الدِّين ابن تَيمِيّة فقد عُذِّبَ في القرن الثامن سنينَ كثيرةٍ في سجونِ القاهرة، والإِسكندرية، ودمشق، وناله
(١) من مقدمة "لقطة العجلان" للزركشي شرح العلَّامة القاسمي المطبوع في مكتب النشر العربي سنة ١٣٥٣ هـ بدمشق، وقد صُدِّرت هذه الطبعة بترجمة محمَّد كرد علي للقاسمي.