الحمد لله ربّ العالمين، وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وآله أجمعين.
أمَّا بعد:
فهذه رسالة في "سرّ الاستغفار عقب الصلوات" حداني إلى جمعها أنَّ بعض الطلَبة نقل عن بعض الفقهاء أنَّه قال: لا يجوز للمصلِّي أن يقول بعد الفراغ من الصلاة "أستغفرُ الله" لأنَّ الله سبحانه وتعالى قال: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ}. انتهى.
فقلت: أطبق المحدِّثون على رواية الاستغفار بعد الصلاة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، واتفق الأئمة على ندب ذلك بلا نكير. ولا مساغ لردّ الأحاديث الواردة في ذلك عن معناها انتصارًا للرأي، لدلالتها القطعيَّة على ما أرشدت إليه، دلالة يفهمها العَرَبي والعَجَميّ، والبليغ والغبي؛ لظهورها نصًّا، ومجيئها على شرط الصحيح. والأعجب من هذا استدلاله بالآية على عدم الجواز مع أن الذي أُنزلت عليه - صلى الله عليه وسلم - هو الَّذي سَنَّ الاستغفار بعد الصلوات قولًا وفعلًا.
وهاك بيان الأحاديث التي رواها أئمة السنن في صحاحهم وسننهم ومسانيدهم: