للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ألا وإن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" (١).

وهذا التكامل بين الصحابةالكرام هو من بلغ بهم ما بلغ، لذا كان بعض الصحابة يتحرى من الصحابي الأخر صحة حديث طرق سمعه لم يكن سمعه من قبل، إما لكونه لم يحضر ذلك المجلس كلّه أو بعضه، أو لتأخر اسلامه عن زمن تحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -. فهذا ضابط معتبر عند الصحابة الكرام في قبول الأحاديث.

ومن ذلك: ما أخرجه عبد الررزاق في مصنفه من حديث قبيصة بن جابر الأسدي، قال: كنت محرماً فرأيت ظبياً فرميته، فأصبت خُشَشَاءَهُ -يعني أصل قرنه- فركب ردعه، فوقع في نفسي من ذلك شيء، فأتيت عمر بن الخطاب أسأله فوجدت لما جئته رجلا أبيض رقيق الوجه، وإذا هو عبد الرحمن بن عوف قال: فسألت عمر فالتفت إلى عبد الرحمن، فقال: "ترى شاة تكفيه؟ " قال: نعم فأمرني أن أذبح شاة "، فقمنا من عنده، فقال صاحب لي: إنّ أمير المؤمنين لم يحسن أنْ يفتيك حتى سأل الرجل فسمع عمر كلامه، فعلاه عمر بالدرة ضربا، ثم أقبل علي عمر ليضربني، فقلت: يا أمير المؤمنين لم أقل شيئا إنما هو قاله قال: فتركني، ثم قال: "أردت أن تقتل الحرام وتتعدى الفتيا" قال: " إن في الإنسان عشرة أخلاق، تسعة حسنة، وواحدة سيئة، فيفسدها ذلك السيئ، وقال: إياك، وعثرة الشباب" (٢).

ومن ذلك ما أخرجه الشيخان من حديث مالك بن أوس بن الحدثان قال: جئت بدنانير لي فأردت ان أصرفها فلقينى طلحة بن عبيد الله فاصطرفها وأخذها، فقال: حتى يجئ سلم خازني -قال أبو عامر من الغابة- وقال فيها كلها: هاء وهاء. قال فسألت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن ذلك، فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:" الذهب بالورق ربا إلاّ هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلاّ هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلاّ هاء وهاء والتمر بالتمر رباً إلاّ هاء وهاء" (٣).


(١) أخرجه أحمد ٣/ ١٨٤،و٣/ ٢٨١،وابن ماجه (١٥٤) والترمذي (٣٧٩١) و، وغيرهم، وفي إسناده كلام طويل، بعضهم صححه كالترمذي وابن حبان وغيرهما، وبعضهم ضعفه بالإرسال.
(٢) أخرجه عبد الرزاق، المصنف ٤/ ٤٠٧،والطبراني، المعجم الكبير ١/ ١٢٧ (٢٥٩)،والحاكم، المستدرك ٣/ ٣٠٥،وغيرهم
(٣) أخرجه أحمد-واللفظ له- المسند ١/ ٤٥،والبخاري، الجامع الصحيح (٢٠٢٧)،ومسلم، المسند الصحيح ٣/ ١٢٠٩
(١٥٨٦)، وغيرهم.

<<  <   >  >>