حمدا لك يا من شرحت صدورنا بأنواع الهداية سابقا، ونورت بصائرنا بتنوير الأبصار لاحقا، وأفضيت علينا من أشعة شريعتك المطهرة بحرا رائقا، وأغدقت لدينا من بحار منحك الموفرة نهرا فائقا، وأتممت نعمتك علينا حيث يسرت ابتداء تبييض هذا الشرح المختصر تجاه وجه منبع الشريعة والدرر، وضجيعيه الجليلين أبي بكر وعمر، بعد الاذن، بعد الإذن منه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، الذين حازوا من منح فتح كشف فيض فضلك الواقي حقائق.
وبعد؛ فيقول الفقير راجي لطف ربه الخفي، محمد علاء الدين الحصكفي، ابن الشيخ علي الامام بجامع بني أمية، ثم المفتي بدمشق المحمية، الحنفي: لما بيضت الجزء الاول من (خزائن الاسرار، وبدائع الافكار، في شرح تنوير الابصار، وجامع البحار)، قدرته في عشر مجلدات كبار، فصرفت عنان العناية نحو الاختصار، وسميته بالدر المختار، في شرح تنوير الأبصار، الذي فاق كتب هذا الفن في الضبط والتصحيح والاختصار، ولعمري لقد أضحت روضة هذا العلم به مفتحة الازهار، مسلسلة الأنهار، من عجائبه ثمرات التحقيق تختار، ومن غرائبه ذخائر تدقيق تحير الأفكار، لشيخ شيخنا
شيخ الإسلام محمد بن عبد الله التمرتاشي الحنفي الغزي، عمدة المتأخرين الأخيار، فإني أرويه عن شيخنا الشيخ عبد النبي الخليلي، عن المصنف عن ابن نجيم المصري، بسنده إلى صاحب المذهب أبي حنيفة، بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم المصطفى المختار، عن جبريل، عن الله الواحد القهار، كما هو مبسوط في إجازاتنا بطرق عديدة، عن المشايخ المتبحرين الكبار.
وما كان في الدرر والغرر لم أعزه إلا ما ندر، وما زاد وعز نقله عزوته لقائله، روما للاختصار، ومأمولي من الناظر فيه أن ينظر بعين الرضا والاستبصار، وأن يتلافى تلافه بقدر الإمكان، أو يصفح ليصفح عنه عالم الأسرار والإضمار، ولعمري إن السلامة من هذا الخطر لأمر يعز على البشر، ولا غرو فإن النسيان من خصائص الانسانية، والخطأ والزلل من شعائر الآدمية، وأستغفر الله مستعيذا به من حسد يسد باب الانصاف، ويرد عن جميع [جميل] الأوصاف.
ألا وإن الحسد حسك، من تعلق به هلك، وكفى للحاسد ذما [في] آخر سورة الفلق، في اضطرابه بالقلق، لله در الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله.
وما أنا من كيد الحسود بآمن ... ولا جاهل يزري ولا يتدبر