العظام، الى يوم الحشر والقيام. وقد تبعه على مذهبه كثير من الاولياء الكرام، ممن اتصف بثبات المجاهدة، وركض في ميدان المشاهدة، كابراهيم بن أدهم، وشقيق البلخي، ومعروف الكرخي، وأبي يزيد البسطامي، وفضيل بن عياض، وداود الطائي، وأبي حامد اللفاف، وخلف بن أيوب، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، وأبي بكر الوراق، وغيرهم ممن لا يحصى لبعده أن يُستقصى، فلو وجدوا فيه شبهة ما اتبعوه، ولا اقتدوا به ولا وافقوه.
وقد قال الاستاذ أبو القاسم القشيري في رسالته مع صلابته في مذهبه وتقدمه في هذه الطريقة: سمعت الاستاذ أبا علي الدقاق يقول: أنا أخذت هذه الطريقة من أبي القاسم النصراباذي، وقال أبو القاسم: أنا أخذتها من الشبلي، وهو أخذها من السري السقطي، وهو من معروف الكرخي، وهو من داود الطائي.
وهو أخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة، وكل منهم أثنى عليه وأقر بفضله، فعجبا لك يا أخي:
ألم يكن لك أسوة حسنة في هؤلاء السادات الكبار؟ أكانوا متهمين في هذا الاقرار والافتخار، وهم أئمة هذه الطريقة، وأرباب الشريعة والحقيقة، ومن بعدهم في هذا الامر فلهم تبع، وكل ما خالف ما اعتمدوه مردود ومبتدع.
وبالجملة، فليس أبو حنيفة في زهده وورعه وعبادته وعلمه وفهمه بمشارك.
ومما قال فيه ابن المبارك رضي الله عنه:
لقد زان البلاد ومن عليها ... إمام المسلمين أنو حنيفة
بأحكام وآثار وفقه ... كآيات الزبور على صحيفه
فما في المشرقين له نظير ... ولا في المغربين ولا بكوفه
يبيت مشمرا سهر الليالي ... وصام نهاره لله خيفه
فمن كأبي حنيفة في علاه ... إمام للخليقة والخليفة
رأيت العائبين له سفاها ... خلاف الحق مع حجج ضعيفة
وكيف يحل أن يؤذي فقيه ... له في الارض آثار شريفة
وقد قال ابن إدريس مقالا ... صحيح النقل في حكم لطيفة
بأن الناس في فقه عيال ... على فقه الامام أبي حنيفة
فلعنة ربنا أعداد رمل ... على من رد قول أبي حنيفة
وقد ثبت أن ثابتا والد الامام أدرك الامام علي بن أبي طالب فدعا له ولذريته بالبركة.
وصح أن أبا حنيفة سمع الحديث من سبعة من الصحابة كما بسط في أواخر منية المفتي، وأدرك بالسن نحو عشرين صحابيا كما بسط في أوائل الضياء. وقد ذكر العلامة شمس الدين محمد أبو النصر بن عرب شاه الانصاري الحنفي في منظومته الالفيه المسماة بجواهر العقائد ودرر القلائد ثمانية من الصحابة ممن روى عنهم الامام الاعظم أبو حنيفة رضي الله عنهم أجمعين حيث قال: